وفي قول: " يفصل بينهم " أي يبين المحق من المبطل بما يضطر إلى العلم بصحة الصحيح فيبيض وجه المحق ويسود وجه المبطل. وفي قوله: " في مرية منه " أي في شك من القرآن. وفي قوله: " عذاب يوم عقيم " قيل. إنه عذاب يوم بدر وسماه عقيما لأنه لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه، أو لأنه لم يكن للكفار فيه خير فهو كالريح العقيم التي لا تأتي بخير، وقيل: المراد به يوم القيامة، والمعنى: حتى تأتيهم علامات الساعة أو عذاب يوم القيامة، وسماه عقيما لأنه لا ليلة له، وفي قوله تعالى: " إن هذا إلا أساطير الأولين " أي وما هذا إلا أكاذيب الأولين، فقد سطروا مالا حقيقة له.
ثم احتج تعالى على هؤلاء المنكرين للبعث بأنه مع إقراركم أنه تعالى خالق السماوات والأرض وما فيهما وأن بيده ملكوت كل شئ لا يتجه منكم إنكار البعث استبعادا له مع كونه أهون وأيسر مما ذكر، وفي قوله تعالى: " زينا لهم أعمالهم " أي أعمالهم التي أمرناهم بها فهم يتحيرون بالذهاب عنها، أو بأن خلقنا فيهم شهوة القبيح ليجتنبوا المشتهى " فهم يعمهون " عن هذا المعنى، أو حرمناهم التوفيق عقوبة لهم على كفرهم، وزينت أعمالهم في أعينهم.
وفي قوله تعالى: " وما يشعرون أيان يبعثون " أي متى يحشرون يوم القيامة، " بل ادارك علمهم في الآخرة " أي تتابع منهم العلم وتلاحق حتى كمل علمهم في الآخرة بما أخبروا به في الدنيا فهو على لفظ الماضي والمراد به الاستقبال، وقيل: إن هذا على وجه الاستفهام فحذف الألف، والمراد به النفي أي لم يبلغ علمهم بالآخرة، وقيل: أي أدرك هذا العلم جميع العقلاء لو نظروا وتفكروا لان العقل يقتضي أن الاهمال قبيح فلابد من تكليف، والتكليف يقتضي الجزاء، وإذا لم يكن ذلك في الدنيا فلا بد من دار الجزاء، وقيل: إن الآية إخبار عن ثلاث طوائف: طائفة أقرت بالبعث، وطائفة شكت فيه، وطائفة نفته، كما قال: " بل هم في أمر مريج " وقوله: " بل هم منها عمون " أي عن معرفتها، وهو جمع عمى وهو الأعمى القلب لتركه التدبر والنظر.
وفي قوله تعالى: " من كان يرجو لقاء الله " أي من كان يأمل لقاء ثواب الله، أو من يخاف عقاب الله " فإن أجل الله لآت " أي الوقت الذي وقته الله للثواب والعقاب جاء