المراد في هذا الخبر هو الثاني، وقد أحال كل من الفريقين ما ورد في ذلك على الآخر قال شارح المقاصد: لا خلاف في ذم القدرية، وقد ورد في صحاح الأحاديث: لعن الله القدرية على لسان سبعين نبيا، والمراد بهم القائلون بنفي كون الخير والشر كله بتقدير الله ومشيته سموا بذلك لمبالغتهم في نفيه، وقيل: لاثباتهم للعبد قدرة الايجاد وليس بشئ لان المناسب حينئذ القدري بضم القاف. وقالت المعتزلة: القدرية هم القائلون بأن الخير والشر كله من الله وبتقديره ومشيته لان الشايع نسبة الشخص إلى ما يثبته ويقول به كالجبرية والحنفية والشافعية، لا إلى ما ينفيه، ورد بأنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: " القدرية مجوس أمتي " وقوله: " إذا قامت القيامة نادى مناد: أهل الجمع أين خصماء الله؟ فتقوم القدرية " ولا خفاء في أن المجوس هم الذين ينسبون الخير إلى الله والشر إلى الشيطان، ويسمونهما " يزدان وأهرمن " وأن من لا يفوض الأمور كلها إلى الله تعالى ويفرز بعضها فينسبه إلى نفسه يكون المخاصم لله تعالى، وأيضا من يضيف القدر إلى نفسه ويدعى كونه الفاعل والمقدر أولى باسم القدري ممن يضيفه إلى ربه. انتهى.
وقال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد: قال أبو الحسن البصري ومحمود الخوارزمي وجه تشبيهه عليه السلام المجبرة بالمجوس من وجوه:
أحدها أن المجوس اختصوا بمقالات سخيفة، واعتقادات واهية معلومة البطلان وكذلك المجبرة.
وثانيها أن مذهب المجوس أن الله تعالى يخلق فعله ثم يتبرأ منه كما خلق إبليس ثم انتفى عنه، وكذلك المجبرة قالوا: إنه تعالى يفعل القبايح ثم يتبرأ منه. (1) وثالثها: أن المجوس قالوا: إن نكاح الأخوات والأمهات بقضاء الله وقدره و إرادته، ووافقهم المجبرة حيث قالوا: إن نكاح المجوس لأخواتهم وأمهاتهم بقضاء الله وقدره وإرادته.
ورابعها: أن المجوس قالوا: إن القادر على الخير لا يقدر على الشر وبالعكس