بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٣٣٦
كان لو حاسبه بالعدل لم يكن له عليه بعد النعم التي أسلفها حق، لأنه تعالى ابتدأ خلقه بالنعم، وأوجب عليهم بها الشكر، وليس أحد من الخلق يكافئ نعم الله تعالى عليه بعمل، ولا يشكره أحد إلا وهو مقصر بالشكر عن حق النعمة، وقد أجمع أهل القبلة على أن من قال: إني وفيت جميع ما لله علي وكافأت نعمه بالشكر فهو ضال، وأجمعوا على أنهم مقصرون عن حق الشكر، وأن لله عليهم حقوقا لو مد في أعمارهم إلى آخر مدى الزمان لما وفوا الله سبحانه بما له عليهم، فدل ذلك على أنه ما جعله حقا لهم فإنما جعله بفضله وجوده وكرمه، ولان حال العامل الشاكر خلاف حال من لا عمل له في العقول، وذلك أن الشاكر يستحق في العقول الحمد، ومن لا عمل له فليس له في العقول حمد، وإذا ثبت الفصل بين العامل ومن لا عمل له كان ما يجب في العقول من حمده هو الذي يحكم عليه بحقه ويشار إليه بذلك، وإذا أوجبت العقول له مزية على من لا عمل له كان العدل من الله تعالى معاملته بما جعل في العقول له حقا، وقد أمر تعالى بالعدل ونهى عن الجور فقال تعالى: " إن الله يأمر بالعدل والاحسان " (1) الآية انتهى.
وقال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد: ذهب جماعة من معتزلة بغداد إلى أن العفو جائز عقلا، غير جائز سمعا، وذهب البصريون إلى جوازه سمعا وهو الحق، واستدل المصنف رحمه الله بوجوه ثلاثة:
الأول أن العقاب حق الله تعالى فجاز تركه، والمقدمتان ظاهرتان.
الثاني أن العقاب ضرر بالمكلف، ولا ضرر في تركه على مستحقه، وكل ما كان كذلك كان تركه حسنا، أما أنه ضرر بالمكلف فضروري، وأما عدم الضرر في تركه فقطعي، لأنه تعالى غني بذاته عن كل شئ، وأما إن ترك مثل هذا حسن فضرورية، وأما السمع فالآيات الدالة على العفو كقوله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك " فإما أن يكون هذان الحكمان مع التوبة أو بدونها، والأول باطل لان الشرك يغفر من التوبة فتعين الثاني، وأيضا المعصية مع التوبة يجب غفرانها،

(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331