بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٩
فإن قيل: فلم أضاف السؤال إلى نفسه ووقع الجواب مختصا به؟ قلنا: لا يمتنع وقوع الإضافة على هذا الوجه، مع أن السؤال كان لأجل الغير إذا كانت هناك دلالة تؤمن من اللبس، فلهذا يقول أحدنا - إذا شفع في حاجة غيره - للمشفوع إليه: أسألك أن تفعل بي كذا وتجيبني إلى ذلك، ويحسن أن يقول المشفوع إليه: قد أجبتك وشفعتك، وما جرى مجرى ذلك، على أنه قد ذكر في الخبر ما يغني عن هذا الجواب.
وأما ما يورد في هذا المقام من أن السؤال إذا كان للغير فأي جرم كان لموسى حتى تاب منه؟ فأجاب عليه السلام بحمل التوبة على معناه اللغوي أي الرجوع أي كنت قطعت النظر عما كنت أعرفه من عدم جواز رؤيتك، وسألت ذلك للقوم فلما انقضت المصلحة في ذلك تركت هذا السؤال ورجعت إلى معرفتي بعدم جواز رؤيتك وما تقتضيه من عدم السؤال.
وأجاب السيد قدس الله روحه عنه بأنه يجوز أن يكون التوبة لأمر آخر غير هذا الطلب، أو يكون ما أظهره من التوبة على سبيل الرجوع إلى الله تعالى، وإظهار الانقطاع إليه، والتقرب منه، وإن لم يكن هناك ذنب. والحاصل أن الغرض من ذلك إنشاء التذلل والخضوع، ويجوز أن يضاف إلى ذلك تنبيه القوم المخطئين على التوبة مما التمسوه من الرؤية المستحيلة عليه، بل أقول: يحتمل أن تكون التوبة من قبلهم كما كان السؤال كذلك.
الثاني: أنه عليه السلام لم يسأل الرؤية بل تجوز بها عن العلم الضروري لأنه لازمها، وإطلاق اسم الملزوم على اللازم شائع سيما استعمال رأى بمعنى علم وأرى بمعنى أعلم والحاصل أنه سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة، فتزول عنه الدواعي والشكوك، ويستغني عن الاستدلال كما سأل إبراهيم عليه السلام: " رب أرني كيف تحيي الموتى " الثالث: أن في الكلام مضافا محذوفا أي أرني آية من آياتك أنظر إلى آيتك، و حاصلة يرجع إلى الثاني.
الرابع: أنه عليه السلام سأل الرؤية مع علمه بامتناعها لزيادة الطمأنينة بتعاضد دليل
(٤٩)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الجواز (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322