بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٨
تنظر إليه لأجابك، وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته! فقال موسى عليه السلام: يا قوم إن الله لا يري بالابصار ولا كيفية له، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه. فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسى عليه السلام: يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحي الله جل جلاله إليه: يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى عليه السلام: " رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه " وهو يهوي " فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل " بآياته " جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك " يقول: رجعت إلي معرفتي بك عن جهل قومي " وأنا أول المؤمنين " منهم بأنك لا ترى. فقال المأمون: لله درك (1) يا أبا الحسن. الخبر.
عيون أخبار الرضا (ع): تميم القرشي مثله.
بيان: اعلم أن المنكرين للرؤية والمثبتين لها كليهما استدلوا بما ورد في تلك القصة على مطلوبهم فأما المثبتون فاحتجوا بها بوجهين:
الأول: أن موسى عليه السلام سأل الرؤية ولو امتنع كونه تعالى مرئيا لما سأل، لأنه حينئذ إما أن يعلم امتناعه أو يجهله فإن علمه فالعاقل لا يطلب المحال لأنه عبث، و إن جهله فالجاهل بما لا يجوز على الله تعالى ويمتنع لا يكون نبيا كليما.
وأجيب عنه بوجوه:
الأول: ما ورد في هذا الخبر من أن السؤال إنما كان بسبب قومه لا لنفسه لأنه كان عالما بامتناعها، وهذا أظهر الوجوه واختاره السيد الأجل المرتضى في كتابي تنزيه الأنبياء وغرر الفوائد، وأيده بوجوه: منها حكاية طلب الرؤية من بني إسرائيل في مواضع كقوله تعالى: " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم " وقوله تعالى: " وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ". ومنها: أن موسى عليه السلام أضاف ذلك إلى السفهاء، قال الله تعالى: " فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا " وإضافة ذلك إلى السفهاء تدل على أنه كان بسببهم ومن أجلهم حيث سألوا ما لا يجوز عليه تعالى.

(1) أي لله ما خرج منك من خير.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322