عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي، (1) عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوما خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق: فقلت للحارث:
أو ما حفظتها؟ قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه: الحمد لله الذي لا يموت، ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن، من إحداث بديع لم يكن، الذي لم يولد فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا، (2) ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا، ولم تدركه الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا، الذي ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولم يوصف بأين ولا بما ولا بمكان، (3) الذي بطن من خفيات الأمور، وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، (4) بل وصفته بأفعاله، ودلت عليه بآياته، لا تستطيع عقول