بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ١٣٠
يقولون: إن الله قد فرغ من الامر وعلى النظام، وبعض المعتزلة الذين يقولون: إن الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا، ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده، والتقدم إنما يقع في ظهورها لا في حدوثها و وجودها، وإنما أخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة، و على بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية، وبأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة إلا في العقل الأول فهم يعزلونه تعالى عن ملكه، وينسبون الحوادث إلى هؤلاء، فنفوا عليهم السلام ذلك وأثبتوا أنه تعالى كل يوم في شأن من إعدام شئ وإحداث آخر، وإماتة شخص وإحياء آخر إلى غير ذلك، لئلا يتركوا العباد التضرع إلى الله ومسألته وطاعته والتقرب إليه بما يصلح أمور دنياهم وعقباهم، وليرجوا عند التصدق على الفقراء وصلة الأرحام وبر الوالدين والمعروف والاحسان ما وعدوا عليها من طول العمر وزيادة الرزق وغير ذلك.
ثم اعلم أن الآيات والاخبار تدل على أن الله خلق لوحين أثبت فيهما ما يحدث من الكائنات:
أحدهما اللوح المحفوظ الذي لا تغير فيه أصلا وهو مطابق لعلمه تعالى. والآخر لوح المحو والاثبات فيثبت فيه شيئا ثم يمحوه لحكم كثيرة لا تخفى على اولي الألباب، مثلا يكتب فيه أن عمر زيد خمسون سنة، ومعناه أن مقتضي الحكمة أن يكون عمره كذا إذا لم يفعل ما يقتضي طوله أو قصره فإذا وصل الرحم مثلا يمحى الخمسون و يكتب مكانه ستون، وإذا قطعها يكتب مكانه أربعون، وفي اللوح المحفوظ أنه يصل وعمره ستون كما أن الطبيب الحاذق إذا اطلع على مزاج شخص يحكم بأن عمره بحسب هذا المزاج يكون ستين سنة، فإذا شرب سما ومات أو قتله إنسان فنقص من ذلك، أو استعمل دواءا قوي مزاجه به فزاد عليه لم يخالف قول الطبيب، والتغيير الواقع في هذا اللوح مسمى بالبداء إما لأنه مشبه به كما في سائر ما يطلق عليه تعالى من الابتلاء والاستهزاء والسخرية وأمثالها، أو لأنه يظهر للملائكة أو للخلق إذا أخبروا بالأول خلاف ما علموا أولا، وأي استبعاد في تحقق هذين اللوحين
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322