بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ١٣١
وأية استحالة في هذا المحو والاثبات حتى يحتاج إلى التأويل والتكلف وإن لم تظهر الحكمة فيه لنا لعجز عقولنا عن الإحاطة بها مع أن الحكم فيه ظاهرة: (1) منها أن يظهر للملائكة الكاتبين في اللوح والمطلعين عليه لطفه تعالى بعباده و إيصالهم في الدنيا إلى ما يستحقونه فيزدادوا به معرفة.
ومنها أن يعلم بإخبار الرسل والحجج عليهم الصلاة والسلام أن لأعمالهم الحسنة مثل هذه التأثيرات في صلاح أمورهم، ولأعمالهم السيئة تأثيرا في فسادها فيكون داعيا لهم إلى الخيرات صارفا لهم عن السيئات فظهر أن لهذا اللوح تقدما على اللوح المحفوظ من جهة لصيرورته سببا لحصول بعض الاعمال فبذلك انتقش في اللوح المحفوظ حصوله فلا يتوهم أنه بعد ما كتب في هذا اللوح حصوله لا فائدة في المحو والاثبات.
ومنها أنه إذا أخبر الأنبياء والأوصياء أحيانا من كتاب المحو والاثبات ثم أخبروا بخلافه يلزمهم الاذعان به، ويكون ذلك تشديدا للتكليف عليهم، تسبيبا لمزيد الاجر لهم كما في سائر ما يبتلي الله عباده منه من التكاليف الشاقة وإيراد الأمور التي تعجز أكثر العقول عن الإحاطة بها، وبها يمتاز المسلمون الذين فازوا بدرجات اليقين عن الضعفاء الذين ليس لهم قدم راسخ في الدين.
ومنها أن يكون هذه الأخبار تسلية من المؤمنين المنتظرين لفرج أولياء الله وغلبة الحق وأهله كما روى في قصة نوح على نبينا وآله وعليه السلام حين أخبر بهلاك القوم ثم أخر ذلك مرارا، وكما روي في فرج أهل البيت عليهم السلام وغلبتهم، لأنهم عليهم السلام لو كانوا أخبر والشيعة في أول ابتلائهم باستيلاء المخالفين وشدة محنتهم أنه ليس فرجهم إلا بعد ألف سنة ليئسوا ورجعوا عن الدين. ولكنهم أخبروا شيعتهم بتعجيل الفرج، وربما أخبروهم بأنه يمكن أن يحصل الفرج في بعض الأزمنة القريبة ليثبتوا على الدين ويثابوا بانتظار الفرج كما مر في خبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

(1) ان كنا بحثنا عن اللوح من جهة العقل فالبرهان يثبت في الوجود أمرا نسبته إلى الحوادث الكونية نسبة الكتاب إلى ما فيه من المكتوب، ومن البديهي أن لوحا جسمانيا لا يسع كتابة ما يستقبل نفسه وأجزاؤه من الحالات والقصص في أزمنة غير متناهية وان كبر ما كبر فضلا عن شرح حال كل شئ في الأبد الغير المتناهي، وان كنا بحثنا من جهة النقل فالاخبار نفسها تؤول اللوح والقلم إلى ملكين من ملائكة الله كما سيجيئ في المجلد الرابع عشر من هذا الكتاب، وعلى أي حال فلاوجه لما ذكره رحمه الله. ط
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322