ولم أجئك متقاضيا للجواب، فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب، فخرج عنه الديصاني، فأخبر أن هشاما دخل على أبي عبد الله عليه السلام فعلمه الجواب، فمضى عبد الله الديصاني حتى أتي باب أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له، فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له: عبد الله كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد! فقالوا له: عد إليه فقل له. يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك فرجع إليه فقال له: يا جعفر دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي فقال له أبو عبد الله عليه السلام: اجلس - وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها - فقال أبو عبد الله عليه السلام: ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة ؟ وفضة ذائبة فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة، ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهب المائعة هي على حالها لم يخرج منها مصلح فيخبر عن إصلاحها، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا تدري للذكر خلقت أم للأنثى يتفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبرا؟
قال: فأطرق مليا ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة من الله على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه.
بيان: يمكن أن يؤول هذا الخبر بوجوه:
الأول: - أن يكون غرض السائل أنه هل يجوز أن يحصل كبير في صغير بنحو من أنحاء التحقق، فأجاب عليه السلام بأن له نحوا من التحقق، وهو دخول الصورة المحسوسة المتقدرة بالمقدار الكبير بنحو الوجود الظلي في الحاسة أي مادتها الموصوفة بالمقدار الصغير، والقرينة على أنه كان مراده المعنى الأعم أنه قنع بالجواب، ولم يراجع فيه باعتراض.
الثاني: أن يكون المعنى أن الذي يقدر على أن يدخل ما تراه العدسة لا يصح أن ينسب إلى العجز، ولا يتوهم فيه أنه غير قادر على شئ أصلا، وعدم قدرته على ما ذكرت ليس من تلقاء قدرته لقصور فيها بل إنما ذلك من نقصان ما فرضته، حيث إنه محال