بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥
عليه الامر فيه، فإن كان الانسان مع ذلك لا يرعوي (1) ولا ينصرف عن المساوي فإنما ذلك من مرحه (2) ومن قساوة قلبه لا من خطأ في التدبير، كما أن الطبيب قد يصف للمريض ما ينتفع به فإن كان المريض مخالفا لقول الطبيب لا يعمل بما يأمره ولا ينتهي عما ينهاه عنه لم ينتفع بصفته ولم يكن الإساءة في ذلك للطبيب بل للمريض حيث لم يقبل منه، ولئن كان الانسان مع ترقبه للموت كل ساعة لا يمتنع عن المعاصي فإنه لو وثق بطول البقاء كان أحرى بأن يخرج إلى الكبائر الفظيعة، فترقب الموت على كل حال خير له من الثقة بالبقاء، ثم إن ترقب الموت وإن كان صنف من الناس يلهون عنه ولا يتعظون به فقد يتعظ به صنف آخر منهم، وينزعون عن المعاصي ويؤثرون العمل الصالح، ويجودون بالأموال والعقائل النفيسة في الصدقة على الفقراء والمساكين، فلم يكن من العدل أن يحرم هؤلاء الانتفاع بهذه الخصلة لتضييع أولئك حظهم منها.
بيان: انهمك الرجل في الامر أي جد ولج. والتسلف: الاقتراض، كأنه يجري معاملة مع ربه بأن يتصرف في اللذات عاجلا، ويبعد ربه عوضها التوبة ليؤدي إليه آجلا. وفي بعض النسخ: يستسلف، وهو طلب بيع الشئ سلفا.
والمعاناة: مقاساة العناء والمشقة. ويرهقه أي يغشاه ويلحقه. وانتهاك المحارم:
المبالغة في خرقها وإتيانها. والارعواء: الكف عن الشئ، وقيل: الندم على الشئ و الانصراف عنه وتركه. والمرح: شدة الفرح. وقال الفيروزآبادي: العقيلة من كل تفسير العياشي: أكرمه، وكريمة الإبل. وقال: العقال ككتاب: زكاة عام من الإبل.
فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الامر فيها فمزج صادقها بكاذبها فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء، ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة بل كانت فضلا لا معنى له، فصارت تصدق أحيانا فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي لها، أو مضرة يتحذر منها، (3) وتكذب كثيرا لئلا يعتمد عليها كل الاعتماد.

(1) أي لا يكف.
(2) مرح الرجل: اشتد فرحه ونشاطه حتى جاوز القدر، وتبختر واختال.
(3) وفي نسخة: يتحرز منها.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309