بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٧٤
لهضم الطعام الغليظ؟ ومن جعل الكبد رقيقة ناعمة لقبول الصفو اللطيف من الغذاء ولتهضم وتعمل ما هو ألطف من عمل المعدة إلا الله القادر؟ أترى الاهمال يأتي بشئ من ذلك؟ (1) كلا، بل هو تدبير من مدبر حكيم، قادر عليم بالأشياء قبل خلقه إياها، لا يعجزه شئ وهو اللطيف الخبير.
تبيان: الجوانح: الأضلاع التي مما يلي الصدر. وقوله عليه السلام: لا تخل من الاخلال بالشئ بمعنى تركه. وقوله تتحيز إما من الحيز أي تسكن، أو من قولهم: تحيزت الحية: أي تلوت.
فكريا مفضل لم صار المخ الرقيق محصنا في أنابيب العظام؟ هل ذلك إلا ليحفظه ويصونه؟ لم صار الدم السائل محصورا في العروق بمنزلة الماء في الظروف إلا لتضبطه فلا يفيض؟ لم صارت الأظفار على أطراف الأصابع إلا وقاية لها ومعونة على العمل؟ لم صار داخل الاذن ملتويا كهيئة الكوكب (2) إلا ليطرد فيه الصوت حتى ينتهي إلى السمع وليتكسر حمة الريح فلا ينكأ في السمع؟ لم حمل الانسان على فخذيه وأليتيه هذا اللحم إلا ليقيه من الأرض فلا يتألم من الجلوس عليهما، كما يألم من نحل جسمه وقل لحمه إذا لم يكن بينه وبين الأرض حائل يقيه صلابتها؟ من جعل الانسان ذكرا وأنثى إلا من خلقه متناسلا؟ ومن خلقه متناسلا إلا من خلقه مؤملا؟ ومن خلقه مؤملا ومن أعطاه آلات العمل إلا من خلقه عاملا؟ ومن خلقه عاملا إلا من جعله محتاجا؟
ومن جعله محتاجا إلا من ضربه بالحاجة؟ ومن ضربه بالحاجة إلا من توكل بتقويمه؟
من خصه بالفهم إلا من أوجب له الجزاء؟ ومن وهب له الحيلة إلا من ملكه الحول؟
ومن ملكه الحول إلا من ألزمه الحجة؟ من يكفيه ما لا تبلغه حيلته إلا من لم يبلغ مدى شكره؟ فكر وتدبر ما وصفته، هل تجد الاهمال على هذا النظام والترتيب؟
تبارك الله عما يصفون.

(1) في نسخة: أترى من الاهمال يأتي بشئ من ذلك.
(2) أقول: في بعض النسخ " اللولب " مكان الكوكب وهو آلة من خشب أو حديد ذات محور، ذي دوائر ناتئة، وهو الذكر، أو داخلة وهو الأنثى.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309