بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٨٣
صلاح دينه ودنياه، فمما فيه صلاح دينه معرفة الخالق تبارك وتعالى بالدلائل والشواهد القائمة في الخلق، ومعرفة الواجب عليه من العدل على الناس كافة وبر الوالدين، وأداء الأمانة، ومواساة أهل الخلة، وأشباه ذلك مما قد توجد معرفته والاقرار والاعتراف به في الطبع والفطرة من كل أمة موافقة أو مخالفة، وكذلك أعطي علم ما فيه صلاح دنياه كالزراعة والغراس، (1) واستخراج الأرضين، واقتناء الأغنام والانعام، واستنباط المياه، (2) ومعرفة العقاقير (3) التي يستشفى بها من ضروب الأسقام، والمعادن التي يستخرج منها أنواع الجواهر، وركوب السفن والغوص في البحر، وضروب الحيل في صيد الوحش والطير والحيتان، والتصرف في الصناعات، ووجوه المتاجر والمكاسب، و غير ذلك مما يطول شرحه ويكثر تعداده مما فيه صلاح أمره في هذه الدار، فاعطي علم ما يصلح به دينه ودنياه، ومنع ما سوى ذلك مما ليس في شأنه ولا طاقته أن يعلم، كعلم الغيب وما هو كائن وبعض ما قد كان أيضا كعلم ما فوق السماء وما تحت الأرض وما في لجج البحار (4) وأقطار العالم (5) وما في قلوب الناس وما في الأرحام وأشباه هذا مما حجب على الناس علمه، وقد ادعت طائفة من الناس هذه الأمور فأبطل دعواهم ما بين من خطائهم (6) فيما يقضون عليه ويحكمون به فيما ادعوا علمه، فانظر كيف أعطي الانسان علم جميع ما يحتاج إليه لدينه ودنياه، وحجب عنه ما سوى ذلك ليعرف قدره ونقصه، وكلا الامرين فيهما صلاحه.
تأمل الآن يا مفضل ما ستر عن الانسان علمه من مدة حياته فإنه لو عرف مقدار عمره وكان قصير العمر لم يتهنأ بالعيش مع ترقب الموت وتوقعه لوقت قد عرفه،

(1) الغراس جمع المغروس: ما يغرس من الشجر.
(2) أي استخرجها.
(3) جمع للعقار: ما يتداوى به من النبات، الدواء مطلقا.
(4) اللجج جمع اللجة: معظم الماء.
(5) أي جهاتها الأربع.
(6) وفي نسخة: ما يبين من خطائهم.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309