بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
قولك. قلت: فما يمنعك منه؟ قال: قد قبلته واستبان لي حقه وصدقه بأن الأشياء المختلفة والإهليلجة لم يصنعن أنفسهن، ولم يدبرن خلقهن، ولكنه تعرض لي أن الشجرة هي التي صنعت الإهليلجة لأنها خرجت منها. قلت: فمن صنع الشجرة: قال:
الإهليلجة الأخرى! قلت: اجعل لكلامك غاية أنتهي إليها فإما أن تقول: هو الله سبحانه فيقبل منك، وإما أن تقول: الإهليلجة فنسألك.
قال: سل. قلت: أخبرني عن الإهليلجة هل تنبت منها الشجرة إلا بعدما ماتت وبليت وبادت؟ قال: لا. قلت: إن الشجرة بقيت بعد هلاك الإهليلجة مائة سنة، فمن كان يحميها ويزيد فيها، ويدبر خلقها ويربيها، وينبت ورقها؟ مالك بد من أن تقول:
هو الذي خلقها، ولان قلت: الإهليلجة وهي حية قبل أن تهلك وتبلى وتصير ترابا، وقد ربت الشجرة وهي ميتة أن هذا القول مختلف. قال: لا أقول: ذلك. قلت أفتقر بأن الله خلق الخلق أم قد بقي في نفسك شئ من ذلك؟ قال: إني من ذلك على حد وقوف ما أتخلص إلى أمر ينفذ لي فيه الامر. قلت: أما إذ أبيت إلا الجهالة وزعمت أن الأشياء لا يدرك إلا بالحواس فإني أخبرك أنه ليس للحواس دلالة على الأشياء، ولا فيها معرفة إلا بالقلب، فإنه دليلها ومعرفها الأشياء التي تدعي أن القلب لا يعرفها إلا بها.
شرح: قوله عليه السلام: وامتثلت قال الفيروزآبادي: امتثل طريقته: تبعها فلم يعدها.
قوله: نقمت علي أي عبت وكرهت. قوله: من لحم قال الفيروزآبادي: لحم كل شئ لبه.
قوله تلك الأرض أي أشار إلى الأرض، وقال أقر بوجود هذه الأرض التي أرى، والإهليلجة الواحدة التي في يدي. قوله: كانت فيها متفرقة لعله اختار مذهب انكسار غورس ومن تبعه من الدهرية القائلين بالكمون والبروز، وأن كل شئ كامن، ويومي إليه جوابه. قوله عليه السلام: في قمعها قال الفيروزآبادي: القمع محركة: بثرة تخرج في أصول الأشفار، وقال القمع بالفتح والكسر وكعنب: ما التزق بأسفل التمرة والبسرة ونحوهما انتهى. وعلى التقديرين استعير لما يبدو من الإهليلجة ابتداءا في شجرها من القشرة الرقيقة الصغيرة التي فيها ماء، والأول أبلغ. قوله عليه السلام: غير مجموع بجسم أي هل كان يزيد بغير أن يضم. إليه جسم آخر من خارج، أو قمع آخر مثله، أو بغير قمعه
(١٥٩)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309