بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
يحتمل هذا العقل ولا يقبله القلب. قلت: أقررت أنها حدثت في الشجرة؟ قال: نعم و لكني لا أعرف أنها مصنوعة فهل تقدر أن تقررني بذلك؟ قلت: نعم أرأيت أني إن أريتك تدبيرا أتقر أن له مدبرا، وتصويرا أن له مصورا؟. قال: لابد من ذلك.
قلت: ألست تعلم أن هذه الإهليلجة لحم ركب على عظم فوضع في جوف متصل (1) بغصن مركب على ساق يقوم على أصل فيقوى بعروق من تحتها على جرم متصل بعض ببعض؟
قال: بلى. قلت: ألست تعلم أن هذه الإهليلجة مصورة بتقدير وتخطيط، وتأليف و تركيب وتفصيل متداخل بتأليف شئ في بعض شئ، به طبق بعد طبق وجسم على جسم ولون مع لون، أبيض في صفرة، ولين على شديد، (2) في طبائع متفرقة، وطرائق مختلفة، وأجزاء مؤتلفة مع لحاء تسقيها، وعروق يجري فيها الماء، وورق يسترها وتقيها من الشمس أن تحرقها، ومن البرد أن يهلكها، والريح أن تذبلها؟ (3) قال: أفليس لو كان الورق مطبقا عليها كان خيرا لها؟ قلت: الله أحسن تقديرا لو كان كما تقول لم يصل إليها ريح يروحها، ولا برد يشددها، ولعفنت عند ذلك، ولو لم يصل إليها حر الشمس لما نضجت، ولكن شمس مرة وريح مرة وبرد مرة قدر الله ذلك بقوة لطيفة ودبره بحكمة بالغة.
قال: حسبي من التصوير فسر لي التدبير الذي زعمت أنك ترينه. قلت: أرأيت الإهليلجة قبل أن تعقد إذ هي في قمعها ماء بغير نواة ولا لحم ولا قشر ولا لون ولا طعم ولا شدة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو لم يرفق الخالق ذلك الماء الضعيف الذي هو مثل الخردلة في القلة والذلة ولم يقوه بقوته ويصوره بحكمته ويقدره بقدرته هل كان ذلك الماء يزيد على أن يكون في قمعه غير مجموع بجسم وقمع وتفصيل؟ فإن زاد زاد ماءا متراكبا غير مصور ولا مخطط ولا مدبر بزيادة أجزاء ولا تأليف أطباق. قال: قد أريتني من تصوير شجرتها وتأليف خلقتها وحمل ثمرتها وزيادة أجزائها وتفصيل تركيبها أوضح

(1) وفي نسخة: موضوع على جرم متصل.
(2) في نسخة: ولين مع لين ولين على شدة.
(3) ذبل النبات: قل ماؤه وذهبت نضارته.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309