بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٢
هو الذي يهيج الصبي إلى طلب الرضاع، والطير اللاقط على لقط الحب، والسباع على ابتلاع اللحم؟.
قال: لست أجد القلب يعلم شيئا إلا بالحواس! قلت: أما إذ أبيت إلا النزوع إلى الحواس فإنا لنقبل نزوعك إليها بعد رفضك لها، ونجيبك في الحواس حتى يتقرر عندك أنها لا تعرف من سائر الأشياء إلا الظاهر مما هو دون الرب الاعلى سبحانه و تعالى، فأما ما يخفى ولا يظهر فليست تعرفه، وذلك أن خالق الحواس جعل لها قلبا احتج به على العباد، وجعل للحواس الدلالات على الظاهر الذي يستدل بها على الخالق سبحانه، فنظرت العين إلى خلق متصل بعضه ببعض فدلت القلب على ما عاينت، وتفكر القلب حين دلته العين على ما عاينت من ملكوت السماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد يرى، ولا دعائم تمسكها لا تؤخر مرة فتنكشط، ولا تقدم أخرى فتزول، ولا تهبط مرة فتدنو، ولا ترتفع أخرى فتنأى، (1) لا تتغير لطول الأمد ولا تخلق (2) لاختلاف الليالي والأيام، ولا تتداعى منها ناحية، ولا ينهار منها طرف، مع ما عاينت من النجوم الجارية السبعة المختلفة بمسيرها لدوران الفلك، وتنقلها في البروج يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر وسنة بعد سنة، منها السريع، ومنها البطئ، ومنها المعتدل السير، ثم رجوعها واستقامتها، وأخذها عرضا وطولا، وخنوسها عند الشمس وهي مشرقة وظهورها إذا غربت، وجري الشمس والقمر في البروج دائبين لا يتغيران في أزمنتهما وأوقاتهما يعرف ذلك من يعرف بحساب موضوع وأمر معلوم بحكمة يعرف ذووا الألباب أنها ليست من حكمة الانس، ولا تفتيش الأوهام، ولا تقليب التفكر، فعرف القلب حين دلته العين على ما عاينت أن لذلك الخلق والتدبير والامر العجيب صانعا يمسك السماء المنطبقة أن تهوى إلى الأرض وأن الذي جعل الشمس والنجوم فيها خالق السماء، ثم نظرت العين إلى ما استقلها من الأرض فدلت القلب على ما عاينت فعرف القلب بعقله أن ممسك الأرض الممتدة (1) أن تزول أو تهوى في الهواء - وهو يرى الريشة يرمى بها فتسقط مكانها وهي في الخفة على

(1) أي فتبعد. وفي نسخة: فتنأى فلا ترى.
(2) أي لا تبلى ولا ترث.
(3) وفي نسخة: أن ممسك الأرض الممهدة.
(١٦٢)
مفاتيح البحث: الرضاع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309