الشجر والزرع من الداء المسمى باليرقان، (1) إلى أشباه هذا من المنافع.
فإن قال قائل: أوليس قد يكون منه في بعض السنين الضرر العظيم الكثير لشدة ما يقع منه أو برد يكون فيه تحطم الغلات وبخورة يحدثها في الهواء فيولد كثيرا من الأمراض في الأبدان والآفات في الغلات؟ قيل: بلى قد يكون ذلك الفرط لما فيه من صلاح الانسان وكفه عن ركوب المعاصي والتمادي فيها فيكون المنفعة فيما يصلح له من دينه أرجح مما عسى أن يرزأ في ماله.
بيان: يعتقبان أي يأتي كل منهما عقيب صاحبه. وخصر الهواء بكسر الصاد المهملة، يقال: خصر يومنا أي اشتد برده، وماء خاصر: بارد، وفي أكثر النسخ بالحاء المهملة و السين من حسر أي كل، وهو لا يستقيم إلا بتكلف وتجوز، وفي بعضها بالخاء المعجمة والثاء المثلثة من قولهم: خثر اللبن خثرا إذا غلظ. والبشع: الكريه الطعم الذي يأخذ بالحلق. والقنطار: معيار، ويروى أنه ألف ومائتا أوقية، ويقال: هو مائة وعشرون رطلا، ويقال: هو ملء مسك الثور ذهبا. قوله عليه السلام: ويذهب له به الصوت، أي يملا صيت كرمه وجوده الآفاق. والذمر: الملامة والتهدد. قوله: ليتفشى التفشي:
الاتساع، والأظهر " ليغشي " بالغين المعجمة كما في بعض النسخ. والحطم: الكسر.
والاندفاق: الانصباب. واليرقان: آفة للزرع. وقوله: مما عسى أن يرزأ من الرزء:
المصيبة.
انظر يا مفضل إلى هذه الجبال المركومة (2) من الطين والحجارة التي يحسبها الغافلون فضلا لا حاجة إليها، والمنافع فيها كثيرة: فمن ذلك أن يسقط عليها الثلوج فيبقى في قلالها لمن يحتاج إليه، ويذوب ما ذاب منه فتجري منه العيون الغزيرة التي تجتمع منها الأنهار العظام، وينبت فيها ضروب من النبات والعقاقير التي لا ينبت مثلها في السهل، ويكون فيها كهوف ومقايل للوحوش من السباع العادية ويتخذ منها الحصون