بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٢
وكان يمكن بها حرث أو بناء؟ أفلا ترى كيف تنصب (1) من يبس الحجارة وجعلت على ما هي عليه من اللين والرخاوة ولتهيأ للاعتماد؟.
ومن تدبير الحكيم جل وعلا في خلقة الأرض أن مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب فلم جعل الله عز وجل كذلك إلا لينحدر المياه على وجه الأرض فتسقيها و ترويها؟ ثم تفيض آخر ذلك إلى البحر فكأنما يرفع أحد جانبي السطح (2) ويخفض الآخر لينحدر الماء عنه ولا يقوم عليه كذلك جعل مهب الشمال أرفع من مهب الجنوب لهذه العلة بعينها، ولولا ذلك لبقي الماء متحيرا على وجه الأرض فكان يمنع الناس من إعمالها (3) ويقطع الطرق والمسالك، ثم الماء لولا كثرته وتدفقه في العيون والأودية و الأنهار لضاق عما يحتاج الناس إليه لشربهم وشرب أنعامهم ومواشيهم، وسقي زروعهم وأشجارهم وأصناف غلاتهم، وشرب ما يرده من الوحوش والطير والسباع وتتقلب فيه الحيتان ودواب الماء، وفيه منافع آخر أنت بها عارف وعن عظم موقعها غافل فإنه سوى الامر الجليل المعروف من غنائه في إحياء جميع ما على الأرض من الحيوان والنبات يمزج بالأشربة فتلين وتطيب لشاربها، وبه تنظف الأبدان والأمتعة من الدرن الذي يغشاها، وبه يبل التراب فيصلح للاعتمال (4) وبه يكف عادية النار إذا اضطرمت وأشرف الناس على المكروه، وبه يسيغ الغصان ما غص به، وبه يستحم المتعب الكال فيجد الراحة من أوصابه، إلى أشباه هذا من المآرب التي تعرف عظم موقعها في وقت الحاجة إليها.
فإن شككت في منفعة هذا الماء الكثير المتراكم في البحار وقلت: ما الإرب فيه؟
فاعلم أنه مكتنف ومضطرب ما لا يحصى: من أصناف السمك ودواب البحر، ومعدن اللؤلؤ والياقوت والعنبر، وأصناف شتى تستخرج من البحر، وفي سواحله منابت العود واليلنجوج، وضروب من الطيب والعقاقير، ثم هو بعد مركب الناس ومحمل لهذه التجارات التي تجلب من البلدان البعيدة كمثل ما يجلب من الصين إلى العراق، ومن العراق

(1) وفي نسخة: نقصت.
(2) كذا في النسخ والظاهر: فكما يرفع أحد جانبي السطح.
(3) وفي نسخة: فكان يمنع الناس من اعتمالها.
(4) وفي نسخة: فيصلح للأعمال.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309