والقلاع المنيعة للتحرز من الأعداء، وينحت منها الحجارة للبناء والأرحاء، (1) ويوجد فيها معادن لضروب من الجواهر، وفيها خلال أخرى لا يعرفها إلا المقدر في سابق علمه.
تفسير: المقايل في بعض النسخ بالقاف، وكأنه من القيلولة، وفي بعضها بالغين، ولعله من الغيل: الشجر الملتف. وفي بعض كتب اللغة: المغالة: العش. وفي بعض النسخ معاقل جمع المعقل وهو الملجأ.
فكر يا مفضل في هذه المعادن وما يخرج منها من الجواهر المختلفة مثل الجص و الكلس والجبس (2) والزرانيخ، والمرتك، والقونيا (3) والزيبق، والنحاس، والرصاص، والفضة، والذهب، والزبرجد، والياقوت، والزمرد، وضروب الحجارة، وكذلك ما يخرج منها من القار، والموميا، والكبريت، والنفط، وغير ذلك مما يستعمله الناس في مأربهم، فهل يخفى على ذي عقل بأن هذه كلها ذخائر ذخرت للانسان في هذه الأرض ليستخرجها فيستعملها عند الحاجة إليها؟ ثم قصرت حيلة الناس عما حاولوا من صنعتها على حرصهم واجتهادهم في ذلك فإنهم لو ظفروا بما حاولوا من هذا العلم كان لا محالة سيظهر ويستفيض في العالم حتى تكثر الذهب والفضة ويسقطا عند الناس فلا يكون لهما قيمة ويبطل الانتفاع بهما في الشرى والبيع والمعاملات، ولا كان يجيئ السلطان الأموال، ولا يدخرهما أحد للأعقاب، وقد أعطي الناس مع هذا صنعة الشبه من النحاس والزجاج من الرمل، والفضة من الرصاص، والذهب من الفضة، وأشباه ذلك مما لا مضرة فيه.
فانظر كيف أعطوا إرادتهم فيما لا ضرر فيه، ومنعوا ذلك فيما كان ضارا لهم لو نالوه، ومن أوغل في المعادن انتهى إلى واد عظيم يجري منصلتا بماء غزير، لا يدرك غوره ولا حيلة في عبوره ومن ورائه أمثال الجبال من الفضة.
تفكر الآن في هذا من تدبير الخالق الحكيم فإنه أراد جل ثناؤه أن يرى العباد