بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١١٨
بعد الجوزاء وطلوعه في شدة الحر وهما الشعريان والشعرى العبور التي في الجوزاء، والشعرى: القميصاء التي في الذراع تزعم العرب أنهما أختا سهيل، انتهى. والقفار جمع قفر، وهو الخلا من الأرض. وخطف البرق البصر: ذهب به. ووهج النار - بالتسكين -:
توقدها. وقوله. حثيثا أي مسرعا. وتجافى أي لم يلزم مكانه. وبرح مكانه: زال عنه.
فكر يا مفضل في مقادير النهار والليل كيف وقعت على ما فيه صلاح هذا الخلق فصار منتهى كل واحد منهما إذا امتد إلى خمس عشرة ساعة لا يجاوز ذلك، أفرأيت لو كان النهار يكون مقداره مائة ساعة أو مائتي ساعة ألم يكن في ذلك بوار (1) كل ما في الأرض من حيوان ونبات؟.
أما الحيوان فكان لا يهدأ ولا يقر طول المدة، ولا البهائم كانت تمسك عن الرعي لو دام لها ضوء النهار، ولا الانسان كان يفتر عن العمل والحركة، وكان ذلك سيهلكها أجمع ويؤديها إلى التلف، وأما النبات فكان يطول عليه حر النهار ووهج الشمس حتى يجف ويحترق، وكذلك الليل لو امتد مقدار هذه المدة كان يعوق أصناف الحيوان عن الحركة والتصرف في طلب المعاش حتى تموت جوعا، وتخمد الحرارة الطبيعية من النبات حتى يعفن ويفسد، كالذي تراه يحدث على النبات إذا كان في موضع لا تطلع عليه الشمس.
اعتبر بهذه الحر والبرد كيف يتعاوران العالم ويتصرفان هذا التصرف من الزيادة والنقصان والاعتدال لإقامة هذه الأزمنة الأربعة من السنة وما فيهما من المصالح ثم هما بعد دباغ الأبدان التي عليها بقاؤها وفيها صلاحها فإنه لولا الحر والبرد وتداولهما الأبدان لفسدت وأخوت وانتكثت.
فكر في دخول أحدهما على الآخر بهذا التدريج والترسل فإنك ترى أحدهما ينقص شيئا بعد شئ، والآخر يزيد مثل ذلك حتى ينتهي كل واحد منهما منتهاه في الزيادة والنقصان، ولو كان دخول إحديهما على الأخرى مفاجأة لأضر ذلك بالأبدان وأسقمها كما أن أحدكم لو خرج من حمام حار إلى موضع البرودة لضره ذلك وأسقم

(1) البوار: الهلاك والكساد.
(١١٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309