بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١١٩
بدنه فلم جعل الله عز وجل هذا الترسل في الحر والبرد إلا للسلامة من ضرر المفاجأة؟
ولم جرى الامر على ما فيه السلامة من ضر المفاجأة لولا التدبير في ذلك؟ فإن زعم زاعم أن هذا الترسل في دخول الحر والبرد إنما يكون لابطاء مسير الشمس في الارتفاع والانحطاط سئل عن العلة في إبطاء مسير الشمس في ارتفاعها وانحطاطها، فإن اعتل في الابطاء ببعد ما بين المشرقين سئل عن العلة في ذلك فلا تزال هذه المسألة ترقى معه إلى حيث رقى من هذا القول حتى استقر على العمد والتدبير، لولا الحر لما كانت الثمار الجاسية المرة تنضج فتلين وتعذب حتى يتفكه بها رطبة ويابسة، ولولا البرد لما كان الزرع يفرخ هكذا، ويريع الريع الكثير الذي يتسع للقوت وما يرد في الأرض للبذر أفلا ترى ما في الحر والبرد من عظيم الغناء والمنفعة وكلاهما مع غنائه والمنفعة فيه يؤلم الأبدان ويمضها، وفي ذلك عبرة لمن فكر، ودلالة على أنه من تدبير الحكيم في مصلحة العالم وما فيه.
بيان: قوله عليه السلام: لا يجاوز ذلك أي في معظم المعمورة. وقال الفيروزآبادي:
خوت الدار: تهدمت، والنجوم خيا: أمحلت فلم تمطر كأخوت. وقال: المنتكث:
المهزول. وقال: الترسل: الرفق والتؤدة. انتهى. قوله عليه السلام: ببعد ما بين المشرقين أي المشرق والمغرب، كناية عن عظم الدائرة التي يقطع عليها البروج أو مشرق الصيف والشتاء، والأول أظهر. قوله عليه السلام: الجاسية أي الصلبة. ويتفكه بها أي يتمتع بها. والريع:
النماء والزيادة. وقال الجوهري: أمضني الجرح إمضاضا: إذا أوجعك، وفيه لغة أخرى:
مضني الجرح، ولم يعرفها الأصمعي.
وأنبهك يا مفضل على الريح وما فيها ألست ترى ركودها إذا ركدت كيف يحدث الكرب الذي يكاد أن يأتي على النفوس، ويحرض الأصحاء وينهك المرضى، ويفسد الثمار، ويعفن البقول، ويعقب الوباء في الأبدان، والآفة في الغلات؟ ففي هذا بيان أن هبوب الريح من تدبير الحكيم في صلاح الخلق.
وأنبئك عن الهواء بخلة أخرى فإن الصوت أثر يؤثره اصطكاك الأجسام في الهواء، والهواء يؤديه إلى المسامع، والناس يتكلمون في حوائجهم ومعاملاتهم طول
(١١٩)
مفاتيح البحث: الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309