بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١١١
المجلس الثالث: قال المفضل: فلما كان اليوم الثالث بكرت إلى مولاي فاستؤذن لي فدخلت فأذن لي بالجلوس فجلست، فقال عليه السلام: الحمد لله الذي اصطفانا ولم يصطف علينا، اصطفانا بعلمه، وأيدنا بحلمه، من شذ عنا (1) فالنار مأواه، ومن تفيأ بظل دوحتنا فالجنة مثواه، قد شرحت لك يا مفضل خلق الانسان وما دبر به و تنقله في أحواله وما فيه من الاعتبار، وشرحت لك أمر الحيوان، وأنا أبتدئ الآن بذكر السماء والشمس والقمر والنجوم والفلك والليل والنهار والحر والبرد والرياح والجواهر الأربعة: الأرض والماء والهواء والنار، والمطر والصخر والجبال والطين و الحجارة والمعادن والنبات والنخل والشجر وما في ذلك من الأدلة والعبر.
فكر في لون السماء وما فيه من صواب التدبير فإن هذا اللون أشد الألوان موافقة للبصر وتقوية حتى أن من صفات الأطباء لمن أصابه شئ أضر ببصره إدمان النظر إلى الخضرة وما قرب منها إلى السواد، (2) وقد وصف الحذاق منهم لمن كل بصره الاطلاع في إجانة (3) خضراء مملوة ماءا، فانظر كيف جعل الله جل وتعالى أديم السماء بهذا اللون الأخضر إلى السواد ليمسك الابصار المنقلبة عليه فلا ينكأ فيها بطول مباشرتها له فصار هذا الذي أدركه الناس بالفكر والروية والتجارب يوجد مفروغا منه في الخلقة حكمة بالغة ليعتبر بها المعتبرون، ويفكر فيها الملحدون، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
بيان: اصطفانا بعلمه أي اختارنا وفضلنا على الخلق بأن أعطانا من علمه ما لم يعط أحدا. وأيدنا بحلمه أي قوانا على تبليغ الرسالة بما حلانا به من حلمه لنصبر على ما يلقانا من أذي الناس وتكذيبهم. والدوحة: الشجرة العظيمة. والصخر: الحجر العظام. وأديم السماء: وجهها، كما يطلق بأديم الأرض على وجهها، ويمكن أن يكون عليه السلام شبهها بالأديم. وقوله عليه السلام: حكمة بالغة بالرفع خبر مبتدء محذوف، أو بالنصب بالحالية أو بكونه مفعولا لأجله.

(1) أي تحزب وانفرد عنا.
(2) إدمان النظر: إدامته.
(3) الإجانة: إناء تغسل فيه الثياب.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309