وسيد الأوصياء وكذا تواتر عن سائر الأئمة المعصومين لعن أعادي الدين، وفعلهم حجة على العالمين، ورغبوا الشيعة في لعن أعداء أهل البيت بأسمائهم، وذكروا للعنهم ثوابا عظيما، كما لا يخفى على من تتبع آثارهم عليهم السلام.
وممن جوز اللعن من المخالفين سعد الدين التفتازاني، فإنه قال في شرح المقاصد:
ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ، والمذكور على ألسنة الثقات، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن طريق الحق، وبلغ حد الظلم والفسق، وكان الباعث عليه الحقد والعناد، والحسد واللداد، وطلب الملك والرئاسات (1)، والميل إلى اللذات والشهوات، إذ ليس كل صحابي معصوما، ولا كل من لقى النبي صلى الله عليه وآله بالخير موسوما، الا أن العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق، وذهبوا إلى أنهم محفوظون عما يوجب التضليل والتفسيق، صونا لعقائد المسلمين من الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة، سيما المهاجرين منهم، والأنصار المبشرين بالثواب في دار القرار.
وأما ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، فمن الظهور بحيث لا مجال للاخفاء ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء، ويكاد تشهد به الجماد والعجماء، ويبكي له من في الأرض والسماء، وتنهد منه الجبال، وتنشق منه الصخور، ويبقى سوء عمله على كر الشهور ومر الدهور، فلعنة الله على من باشر أو رضي أو سعى، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
فان قيل: فمن علماء المذهب من لا يجوز اللعن على يزيد، مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد.