والعالمان ينزلان من الكمال إلى النقصان، ويعودان من النقصان إلى الكمال، حتى ينتهي إلى الأمر، وهو المعبر عنه ب (كن) وينتظم بذلك سلسلة الوجود الذي مبدأه من الله ومعاده إليه، ثم يقولون: الامام مظهر الأمر، وحجته مظهر العقل الذي يقال له العقل الأول وعقل الكل، والنبي مظهر النفس التي يقال لها نفس الكل، والامام هو الحاكم في عالم الباطن، ولا يصير غيره عالما بالله الا بتعليمه إياه، ولذلك يسمونهم بالتعليمية، والنبي هو الحاكم في عالم الظاهر، ولا تتم الشريعة التي يحتاج الناس إليها الا به، ولا يخلو زمان عن امام: إما ظاهر، وإما مستور، وطريقتهم التأليف بين أقوال الحكماء وأقوال أهل الشرع.
وأما تعيين أئمة الاسلام، فقالوا: الامام في عهد رسول صلى الله عليه وآله كان عليا، وبعده كان ابنه الحسن إماما مستودعا، وابنه الحسين إماما مستقرا، ولذلك لم يذهب الإمامة في ذرية الحسن، فانتهت بعده إلى علي ابنه، ثم إلى محمد ابنه، ثم جعفر ابنه، ثم إلى إسماعيل ابنه وهو السابع. وقالوا بأن الأئمة في عهد ابن إسماعيل محمد صاروا مستورين، ولذلك سموهم بالسبعية، لوقوفهم على السبعة الظاهرة، ودخل في عهد محمد زمان استتار الأئمة وظهور دعاتهم.
ثم ظهر المهدي ببلاد المغرب، وادعى أنه من أولاد إسماعيل، واتصل أولاده ابن بعد ابن إلى المستنصر، واختلفوا بعده، فقال بعضهم بامامة نزار ابنه، وبعضهم بامامة المستعلى ابنه الاخر، وبعد نزار استتر أئمة النزاريين، واتصلت امامة المستعليين إلى أن انقطع في العاضد، وكان الحسن بن علي بن محمد بن الصباح المستولي على قلعة الموت من دعاة النزاريين، ثم ادعوا بعده أن الحسن الملقب بعلي كان إماما ظاهرا من أولاد نزار، ثم انقرضوا.
ولا يخفى على البصير بأدنى تأمل بطلان مذهب هؤلاء الملاحدة المخالفة لدين الاسلام، وأكثر ما دل على بطلان مذهب الزيدية دل على بطلان مذهبهم أيضا.
وأما غير هاتين الفرقتين من فرق الشيعة، فكفى في ابطالهم انقراضهم، ولا