وقالت: طائفة أخرى: تنعقد بواحد، لأن العباس قال لعلي رضوان الله عليهما:
امدد يدك أبايعك، فيقول الناس: عم رسول الله صلى الله عليه وآله بايع ابن عمه، فلا يختلف عليك اثنان، ولأنه حكم وحكم الواحد نافذ (1)، انتهى كلامه.
أقول: ما اعترف به من عدم الاجماع على خلافة أبي بكر حق، وقد أشبعنا الكلام في بيانه في الفاتحة، وأما سائر الأقوال في الاختيار، فضعيف جدا، وما حسبوه دليلا عليها، ففي غاية السخافة، كما لا يخفى على الخبير البصير، لأن عمر والأربعة الذين كانوا معه لم يكونوا معصومين، ففعلهم ليس بحجة، وكذا العباس، على أنه يمكن أن يكون غرضه اسكات الخصم والزامه باختيار ما هو حجة عنده، وأما مستند القول بالاكتفاء بالثلاثة والواحد، فقياس، وقد بينا أنه لا يجوز العمل به أصلا في الفروع والأصول.
فان قيل: اثبات الخلافة بالبيعة والاختيار لو لم يكن حقا لأنكر على المبايعين الصحابة.
قلنا: لا كل الصحابة تركوا الانكار، بل أنكر عليهم جماعة، ثم سكتوا تقية وخوفا، وترك جماعة منهم الانكار لورود الشبهة، وجماعة طمعا في الدنيا ورغبة إليها، وقد أطنبا الكلام في هذا المقام في الفاتحة، وذكرنا ما يرفع التعجب في ترك انكار من ترك.
ويمكن الاستدلال بالآيتين على وجه آخر، وهو أن الآيتين تدلان على بطلان الاجتهاد والرأي، لأن العمل بهما تقديم بين يدي الله ورسوله وعمل بغير اذنهما، وغير الامامية عاملون بالرأي والاجتهاد، فثبت حقية الامامية المنكرين لهما، وأئمتهم الاثني عشر صلوات الله عليهم.