حياته، وليس التمكين هو كثرة الفتوح والغلبة على البلدان، لأن ذلك يوجب أن دين الله تعالى لم يتمكن إلى اليوم، لعلمنا ببقاء ممالك الكفر كثيرة لم يفتحها المسلمون.
ولأنه أيضا يوجب أن الدين تمكن في أيام معاوية ومن بعده من بني أمية، أكثر من تمكنه في أيام النبي صلى الله عليه وآله وأبي بكر وعمر، لأن بني أمية فتحوا بلادا كثيرة لم تفتح في زمن النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء.
قال مقاتل: نزلت صد المسلمين عام الحديبية، فقالوا: لو دخلنا مكة آمنين فنزلت، وعنى بالأرض مكة، وبتمكين الدين الاسلام، وبتبديل الخوف من أهل مكة أمنا، هذا قول مقاتل وهو من أكبر شيوخهم. وقال ابن حنبل: ما رأيت أعلم بالتفسير من مقاتل بن سليمان، وقال الشافعي: الناس عيال على مقاتل في التفسير، وعلى زهير في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام.
ثم إن المراد بالاستخلاف هاهنا ليس هو الإمامة والخلافة، بل المراد فيه قفوهم في أثر من مضى من الفرق، وجعلهم عوضا منهم وخلفا، ومن ذلك قوله تعالى عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفنكم في الأرض فننظر كيف تعملون (1) وقوله وربك الغني ذو الرحمة ان يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء (2).
وقال شارح الطوالع: لا يدل الاستخلاف على الرئاسة العامة، بل قد يكون المراد توريثهم بلاد الكفر لجميع المهاجرين، لقوله هو الذي جعلكم خلائف في الأرض (3) ولم يرد بذلك الإمامة والتوريث والتمكين والأمن، لا تخصيص للخلفاء بها، فان الله تعالى علق ذلك على الايمان وعمل الصالحات، وهما حاصلان