والوجه الثاني: وهو ان نسلم فيه أن الداعي للمخلفين هو غير النبي صلى الله عليه وآله، فنبين أيضا أنه لا يمتنع أن يعني بهذه الآية أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه قد قاتل بعده أهل الجمل وصفين وأهل النهروان، وبشره النبي صلى الله عليه وآله بأنه يقاتلهم.
وأما قول صاحب المواقف (ليس الداعي عليا، لأنه لم يتفق لعلي قتال لطلب الاسلام) فجوابه: أن اسلام محاربي أمير المؤمنين عليه السلام ممنوع، لأنهم عندنا كانوا كفارا بوجوه:
منها: أن من حاربه كان مستحلا لقتله مظهرا به، ونحن نعلم أن من أظهر استحلال شرب جرعة خمر فهو كافر بالاجماع، واستحلال دم المؤمن فضلا عن أكابرهم وأفاضلهم أعظم من شرب الخمر واستحلاله، فيجب أن يكونوا من هذا الوجه كفارا.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وآله قال له عليه السلام بلا خلاف بين أهل النقل: يا علي حربك حربي وسلمك سلمي (1). ونحن نعلم أنه لا يريد الا التشبيه بينهما في الأحكام، ومن أحكام محاربي النبي صلى الله عليه وآله الكفر بلا خلاف.
ومنها: أنه قال له أيضا بلا خلاف: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. وقد ثبت عندنا أن العدواة من الله لا تكون الا من الكفار الذين يعادونه، دون فساق أهل الملة.
ومنها: ما اتفق عليه أهل النقل وأخرجه البخاري من قول النبي صلى الله عليه وآله في أهل حرورا: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية (2).
وأخرج الفراء في مصابيحه قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسنين: أنا حرب