وقد روى هذا الحديث أيضا ابن أبي الحديد في شرحه. وفيه عند تفسير قوله (يا علي ان القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمه) (1) وقد روى كثير من المحدثين عن علي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: ان الله قد كتب عليك جهاد المفتونين، ثم ذكر كلاما طويلا، إلى قوله: فقلت: يا رسول الله لو بينت لي قليلا، فقال: ان أمتي ستفتن من بعدي، فتتأول القرآن، وتعمل بالرأي، وتستحل الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع، وتحرف الكتاب عن مواضعه، وتغلب كلمة الضلال، فكن جليس بيتك حتى تقلدها، فإذ قلدتها جاشت عليك الصدور وقلبت لك الأمور، تقاتل حينئذ على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله الحديث (2).
أقول: ان هذا الحديث صريح في أن الضلال غلب على الناس في خلافة الشيخين.
وفي صحيح مسلم في المجلد الثالث منه حديث روى عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وآله، وهذا موضع الحاجة منه: فرفع رأسه إلى السماء، فقال: النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون (3).
وفي الجمع بين الصحيحين، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، عن عثمان بن سعيد، عن عبد الله الغنوي، أن عليا عليه السلام خطب بالرحبة، فقال: أيها الناس انكم قد أبيتم الا أن أقولها ورب السماء والأرض، ان من عهد النبي الأمي إلي: ان الأمة ستغدر بك بعدي (4).