آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا، فيرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش ودون غيرهم من الناس، وانهم ان ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولته قريش بينها، لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا.
فقلت: جعلت فداك يا بن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول، أفلا أرجع إلى المصر، فأوذن الناس بمقالتك، وأدعو الناس إليك؟ فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذلك.
قال: فانصرفت إلى العراق، فكنت أذكر فضل علي عليه السلام على الناس، فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره، وأحسن ما أسمعه قول من يقول: دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك، فأقول: ان هذا مما ينفعني وينفعك، فيقوم عني ويدعني.
وزاد أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري: حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة أيام ولينا، فبعث إلي فحبسني حتى كلم في، فخلي سبيلي.
وروى الجوهري، قال: نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم: يا معشر المسلمين انا قد كنا وما كنا نستطيع الكلام، قلة وذلة، فأعزنا الله بدينه، وأكرمنا برسوله، فالحمد لله رب العالمين، يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم، تحولونه هاهنا مرة وهاهنا مرة، ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله.
فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة: يا بن سمية لقد عدوت طورك، وما عرفت قدرك، ما أنت وما رأت قريش لأنفسها، انك لست في شئ من أمرها وامارتها، فتنح عنها، وتكلمت قريش بأجمعها، فصاحوا بعمار وانتهروه، فقال: الحمد لله رب العالمين، وما زال أعوان الحق أذلاء، ثم قام فانصرف (1).