أن يتصل بنا، بل الحق أن التواتر لا يمكن تحققه في الاجماع، لأن من شرطه أن يكون المخبر عنه محسوسا، والاجماع أمر غير محسوس، لأنه عبارة عن اتفاق آراء المجتهدين، فتحقق التواتر فيه محال.
وأجاب العضدي في شرح المختصر عن الدليلين بما هذه عبارته: الجواب عن شبهة المقامين واحد، وهو أنه تشكيك في مصادمة الضرورة، فإنه نعلم قطعا تواترا من الصحابة والتابعين، الاجماع على تقديم الدليل القاطع على المظنون، وما ذلك الا بثبوته عنهم وبنقله عنهم وبنقله إلينا، فانتقض الدليلان.
أقول: هذا الجواب ظاهر البطلان، وما ادعى من التواتر مكابرة محض، وقول من غير دليل، بل الدليل على خلافه ظاهر، والعلم بانتفاء شرائط التواتر على ما بين في الدليلين، وادعاء الضرورة فيما قام البرهان على خلافه سفسطة.
فإذا عرفت ما تلوناه عليك، علمت أنه لا يجوز للمخالفين أن يتمسكوا بالاجماع، ويعارضوا به ما تقدم من الأخبار المتواترة الدالة على امامة أمير المؤمنين عليه السلام.
وأما عندنا، فالاجماع حجة، ولكن لا لما تمسك به المخالف، بل من حيث دخول قول المعصوم عليه السلام في الأقوال، لأن على مذهبنا لابد في كل زمان من امام حافظ للشريعة، والمخالف يقول بحجية الاجماع من هذه الحيثية، فلا يصح له التمسك بالاجماع أصلا.
وان سلمنا امكان تحقق الاجماع، وامكان العلم به وثبوت حجيته، فلا نسلم تحقق الاجماع على خلافة أبي بكر، بل من تتبع كتب المخالفين وسيرهم، جزم وقطع بأن بني هاشم وخواص علي عليه السلام ما تبعوا المتغلبين في الخلافة الا بعد مدة قهرا، وقد تألم وتظلم أمير المؤمنين عليه السلام من الصحابة الغاصبين للخلافة على رؤوس المنابر في عدة مواطن، وسيجئ الإشارة إلى بعضه، وسعد بن عبادة لم يبايع إلى أن قتل في زمن عمر. ومثل هذا الاجماع لا يكون حجة عند أحد من المسلمين، بل الاجماع