أرباب العقول.
وان سلمنا حجيتها، فلا نسلم دلالة هذه الأخبار على حجية أهل كل عصر.
فأما الحديث الأول، فلا دلالة فيه، لأنا نقول: هل المراد بلفظ (أمتي) جميع الأمة غير مختص بعصر دون عصر؟ كما هو الظاهر من اللفظ، أو المراد بها البعض؟ فعلى التقدير الأول فلا دلالة فيه على حجية اجماع أهل عصر واحد، وعلى التقدير الثاني يلزم أن يكون اجتماع كل اثنين حجة، وهو باطل بالاتفاق. وإن كان المراد بها جماعة مخصوصة، فيحتمل احتمالا ظاهرا أن يكونوا هم أهل البيت، بقرينة شهادة آية التطهير بطهارتهم، ويحتمل أيضا أن يكونوا هم أهل زمن النبي صلى الله عليه و آله، فحملها على جميع أهل عصر تخصيص بلا مخصص.
وأما الحديث الثاني، فلا يدل على مقصودهم، وهو عدم اجتماع الأمة على الخطأ، لأن مدلول الخبر ان الله لا يجمع الأمة على الخطأ، وبين المعنيين بون بعيد.
وعدم دلالة الحديث الثالث والرابع على مقصودهم ظاهر، لأنه يحتمل أن يكون المراد بالجماعة الذين يصلون جماعة، كما لا يخفى على من له أدنى بصيرة.
وتمسك الشافعي في حجية الاجماع بقوله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (1).
وقيل في وجه الدلالة: ان الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، كما توعد على مشاقة الرسول التي هي كفر فيحرم، إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم فيجب اتباع سبيلهم، إذ لا مخرج عنهما، والاجماع سبيلهم، فيجب اتباعهم وهو المطلوب.
واعترض عليه بوجوه كثيرة، ذكرها العضدي في شرح المختصر، والتفتازاني في