وكيف يجوز على سيد الأنبياء وزبدة الأصفياء وهادي العقلاء أن ينص على خلافة علي عليه السلام وامامته ووصايته، من غير أن يشرك معه غيره ويريد أنه الخليفة الرابع، مع عدم المانع لذكر غيره؟ ذلك ظن الذين لا يوقنون.
على أن عليا عليه السلام لو كان إماما رابعا، لما جاز له أن يتخلف عن بيعة أبي بكر، حتى يعود الأمر إلى الاكراه والاجبار واحضار النار إلى باب بيته، وسيجئ إن شاء الله تعالى بيانه وبيان تظلماته وشكاياته في كثير من مقاماته.
وكيف يجوز أن يكون هذا مراد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ومع هذا ينازع علي سيد الزهاد والعباد صلوات الله عليه في الخلافة الخلفاء، ويتمسك بنص الغدير، ويعتزل عنهم وعن بيعتهم، ويظهر عدم الرضا بخلافتهم في خطبه.
ومما يدل أيضا على بطلان ما زعموا، أنه صلوات الله عليه وآله ولى أسامة على الثلاثة في مرضه الذي قضى نحبه، وأمرهم بالخروج معه، ولعن من تخلف عن جيش أسامة، وترك عليا عليه السلام عنده في المدينة، وليس هذا الا ليتم له أمر الخلافة، كما لا يخفى على أهل الحدس والفراسة.
ومما يدل أيضا على بطلان هذا الاحتمال، أن النبي صلى الله عليه وآله عزل أبا بكر أمر الله تعالى، حين بعثه ليقرأ بعض آيات سورة البراءة في الموسم على المشركين، فبعث بأمر الله عليا عليه السلام ليأخذ السورة في أثناء الطريق منه، ويقرأها في الموسم على المشركين، وقال عليه السلام: لا ينبغي أن يبلغ عني الا رجل من أهل بيتي (1). وفي رواية أخرى: ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني (2).
فكيف يجوز العاقل أن يعزل النبي صلى الله عليه وآله الخليفة الأول وينصب مكانه الخليفة الرابع؟ بل لا يخفى على اللبيب الفطن أن هذا العزل والنصب نص على خلافة