عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٤١٨
(93) وفي رواية أخرى: " كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم " (1) (2) (3) (4)

(1) تقدم آنفا (2) ولا يلزم من هذا مساواة إبراهيم وآله إبراهيم، لمحمد وآل محمد، ولا أفضليتهم عليهم. من حيث إن المشبه به يجب أن يكون أقوى من المشبه، أو مساويا له لان الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل، ونبينا صلى الله عليه وآله كان الواقع قبل الدعاء، انه أفضل من إبراهيم عليه السلام وان آله، أفضل من آل إبراهيم. وهذا الدعاء يطلب فيه زيادة على هذا الفضل، مساوية للصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم. فهما وان تساويا في الزيادة، الا ان الأصل المحفوظ، خال عن معارضة الزيادة، أو يقال: ان التشبيه واقع على أصل الصلاة بالصلاة، لا على كميتها أو كيفيتها، كما في قوله تعالى:
" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " فإنه تشبيه أصل الصوم بالصوم لا في الوقت والعدد (معه) (3) ويعجبني أن أذكر ما نقله المحقق الأردبيلي قدس سره في كتابه (مجمع الفائدة والبرهان في شرح الارشاد) عند بحث التشهد. فإنه قدس سره بعد نقل بعض الأخبار التي قدمناه، قال: ما هذا لفظه (والعجب انهم يحذفون الال، ويتركون هذا المنقول حتى في هذا الخبر، ويقولون: قال صلى الله عليه وآله: افاده بعض السادة وهو سيد حسن السفطي (المصحح) (4) هذا التشبيه من مطارح الأنظار بين علماء الاسلام، وقد ذكروا له وجوها كثيرة حررناها في شرحنا على الصحيفة. ولنذكر منها هنا وجوها:
الأول: انه صلى الله عليه وآله وأهل بيته، من جملة آل إبراهيم، فهم داخلون تحت الصلاة عليهم، ومخصوصون دونهم بهذه الصلاة، والصلاة العامة أفضل من الخاصة.
الثاني: ان إبراهيم أشرف مما قبله من الأنبياء، فالصلاة عليه أشرف منها على من تقدمه، وإذ كانت الصلاة على نبينا مثلها، تكون أيضا أشرف مما قبلها، ومن جملة ما تقدم الصلاة على إبراهيم الثالث: ان الأشدية حاصلة بالأقدمية، ويرد قوله صلى الله عليه وآله: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ".
الرابع والخامس: ما قاله ابن حجر المكي من علمائهم. وهو أنه صلى الله عليه وآله قال هذا القول: قبل أن يعلم بأنه أفضل من إبراهيم. أو يكون مثل هذا تواضعا منه صلى الله عليه وآله وتعليما لامته كيف الصلاة. وهذان الوجهان لا ينطبقان على مذهبنا السادس: ان الكاف للتعليل، مثلها في قوله تعالى: " واذكروه كما هداكم " فليس المراد تشبيه الصلاة بالصلاة، بل المراد الموازاة وتعليل الطلب بوجود ما يقتضيه وان وجود المطلوب ليس ببدع، إذ وقع مثله وما يوجبه. ولهذا الكلام نظائر كثيرة.
السابع: ان أفضلية المشبه به راجعة إلى الوضوح والاشتهار، فإنه بين الأنبياء كنار على علم، إجابة لقوله: " واجعل لي لسان صدق في الآخرين " أي ذكرا جميلا وكانت الأنبياء تنسب إلى دينه، حتى قال النبي صلى الله عليه وآله: " انا على دين أبى إبراهيم ".
ومن هذا الباب قوله تعالى: " مثل نوره كمشكاة ".
الثامن: ان الصلاة بهذا اللفظ جارية في كل صلاة، على لسان كل مصل، إلى انقضاء التكليف، فيكون الحاصل لمحمد صلى الله عليه وآله بالنسبة إلى جميع الصلوات مضاعفة. وهذا الوجه قاله شيخنا الشهيد قدس سره.
التاسع: ان المراد بهذا التشبيه، الحالة اللائقة بالمشبه والمشبه به، وحاصله طلب الصلاة اللائقة بحاله صلى الله عليه وآله وتشبيهها بالصلاة اللائقة بحال إبراهيم، والأولى أفضل وأشرف من الثانية.
وأكثر الاعلام اعتمدوا على الوجه الأول، وأجابوا به عما ورد به عليهم من الشبهة في قوله تعالى: " وفديناه بذبح عظيم " بان الحسين عليه السلام مع أنه أفضل من إسماعيل فكيف يفديه؟ وحاصل الجواب انه عليه السلام وجده وأباه وأخاه وذريته من أولاد إسماعيل، فهو فدائهم كلهم، ومجموعهم أشرف.
وفى حديث الرضا عليه السلام أصوب من هذا، وحاصله ان إبراهيم لما جزع من عدم امضاء أمر الذبح، فوزا بثوابه، عوضه الله تعالى بمصيبة ذبح ولده، الاطلاع على مصيبة الحسين (ع) لأنها أعظم أجرا منها، وأوجع لقلبه (جه).
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380