عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٤١٤
(83) وقال صلى الله عليه وآله، لمعاذ وقد بعثه قاضيا إلى اليمن: " بم تحكم يا معاذ؟ " فقال بكتاب الله، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لاجتهاد الرأي " (1) (84) وفي حديث آخر، لما قال أجتهد رأيي قال له عليه السلام: " لا، بل ابعث إلي، أبعث إليك " (2) (3).
(١) مسند أحمد بن حنبل ج ٥: ٢٣٠ و ٢٣٦ و ٢٤٢ (٢) وهذا يدل على أن الحاكم لابد أن يكون فقيها، لان سؤاله عليه السلام إنما كان لاستعلام حاله ومرتبته في الفقه. ويدل على ترتيب الأدلة، لأنه قدم كتاب الله في أخذ الحكم منه إذا وجده فيه، ثم ثنى بسنة النبي صلى الله عليه وآله، ثم ثلث بالاجتهاد وأقره النبي صلى الله عليه وآله على ذلك ثم إن الاجتهاد يحمل معنيين (أحدهما) استنباط الحكم من الكتاب والسنة، إذا لم يجد الحكم في نصهما، (والثاني) أن يراد به القياس. وهو رد الحكم على الكتاب والسنة، باعتبار استنباط العلة منهما، ولهذا يحتج به أصحاب القياس. لان النبي صلى الله عليه وآله، أقره على ذلك وحمد الله على توفيقه له وفى الرواية الثانية دلالة على منعه من الاجتهاد، وعدم اقراره عليه، بل أوجب عليه، أن يرد الحكم إليه صلى الله عليه وآله. فان حملنا الاجتهاد على المعنى الثاني عملنا بالرواية الثانية، لان القياس غير معمول به في مذهب أهل البيت عليهم السلام وان حملناه على الأول، عملنا بالرواية الأولى، وهو تقرير النبي صلى الله عليه وآله على ذلك، لان أخذ الحكم واستنباطه عند عدم النص في الكتاب والسنة جائز، إذا رده إليهما، عند تعذر رده إلى الامام (معه).
(٣) استدل به العامة على العمل بالقياس، وأجاب عنه علمائنا قدس الله أرواحهم بأنه ضعيف دلالة وسندا. أما الدلالة فلا احتمال إرادة المعاذ، العمل بالبراءة الأصلية و الاستصحاب، والقياس على منصوص العلة، أو طريق الأولوية. وأما السند فلان هذا الخبر مرسل باتفاق المحدثين، فلا يثبت به مثل هذا الأصل العظيم (جه)