جل جلاله عليه بطريق رسوله صلوات الله عليه على الاسرار، أسبابا لغلط المنجمين غير ما ذكروه من الاعذار، وسيأتي سبب غلطهم في مضمون ما نذكره من الاخبار، إن شاء الله.
(فصل) ومن أعجب ما وجدته من تمويه المنجمين في هذه الأوقات الذي يتمشى على الملوك والأعيان وذوي المقامات، شئ ما عرفت ان أحدا سبقني إلى كشفه، وذكرت ذلك لبعضهم ولغيرهم فما رأيت لهم عذرا في التمويه الذي أشرت إلى وصفه، وذلك انهم يكتبون تقاويم السنة نسخة واحدة في سعودها ونحوسها وممتزجاتها فينفذون كل تقويم إلى واحد مع علمهم ان مواليد الذين ينفذون إليهم التقاويم وطوالعهم مختلفة في نحوسها وممتزجاتها وسعاداتها، فيمكن ان يكون سعود واحد نحوسا لسواه ونحوس انسان سعودا لمن عداه ويمكن أن يكون سعود واحد ونحوسه ممتزجا خلاف من يجري مجراه فيقبل الناس التقاويم المتفقة في المواليد المختلفة منهم وتبتاع منهم، وقد استمر ذلك على مدة الدهور، وتسنى ما فيه من التمويه المستور، حتى بعث واحد من المنجمين الأعيان إلي تقويمين واعتد بهما فأعدتهما وعرفته ما في ذلك من التمويه بهما.
(فصل) وقد كان ينبغي أن يكون تقويم كل واحد ممن يحتاج إلى التقويم، على مقتضى مولده وطالعه وتحويل سنته ليكون أقرب إلى الصراط المستقيم، وكان مراد المنجم من تقويمه مجرد ذكر ان في النجوم سعدا وفيها نحسا وفيها ممتزجا من غير أن يقصد انتفاع من يحمل إليه