تعالى، وليس يصح اضافته إليها الا على وجه التوسع والتجوز كما نقول أحرقت النار وبرد الثلج وقطع السيف وشج الحجز، وكذلك قولنا أحمت الشمس الأرض ونفعت الزرع، وفى الحقيقة ان الله أحمى لها ونفع، ومما يدل على أن الله تعالى يشغل شيئا بشئ، قوله سبحانه (هو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا اقلت سحابا ثقالا سقناه إلى بلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات وكذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) وليس فيما ذكرناه رجوع إلى قول أصحاب الاحكام، ولا قول بما أنكرناه عليهم في متقدم الكلام لأنا أنكرنا عليهم إضافة تأثيرات الشمس والقمر إليهما من دون الله سبحانه وقطعهم على ما جوزناه من تأثيرات الكواكب بغير حجة عقلية ولا سمعية وأضافتهم إليها جميع الأفعال في الحقيقة مع دعواهم لها الحياة والقدرة، وانكرنا ان تكون الشمس أو القمر أو شئ من الكواكب موجبا لشئ من أفعالنا بشهادة العقل الصحيح، فان أفعالنا لو كانت مخترعة فينا، أو كانت عن سبب أوجبها من غيرنا، لم تصح بحسب قصودنا وإراداتنا، ولا كان فرق بينها وبين جميع ما يفعل فينا من صحتنا وسقمنا وتاليف أجسامنا وحصول الفرق لكل دلالة على اختصاصها بنا وبرهان واضح، بأنها حدثت من قدرتنا وانه لا سبب لها غير اختيارنا، وانكرنا عليهم قولهم ان الله تعالى لا يفعل في العالم فعلا الا والكواكب دالة عليه، فلن كل شئ يدل عليه لابد من كونه، وهذا باطل، يثبت لها تأثيرا أو دلالة، فان الله اجرى تلك
(٧٣)