المتوقع وحرقة الانتظار، ففكره متقسم وقلبه معذب يستعيد قرب الساعات ويستطيل قير الأوقات شوقا إلى ما يرد وتطلعا إلى ما وعد وفي ذلك ما يقطعه عن منافعه ويقصر به عن حركاته في مطامعه اتكالا على ما يأتيه وتعويلا على ما يصل إليه وربما اخلف الوعد وتاخر السعد فليست جميع احكامكم تصيب ولا الغلط منكم بعجيب، فتصير المضرة حسرة والمنفعة مضرة فاما متوقع المنحسة، فلا شك انه قد تعجلها لشدة رعبه بقدومها وعظم هلعه بهجومها فهو لا ينصرف بفكره عنها فيجعلها أكبر منها فحياته منغصة ونفسه متغصصه وقلبه عليل وتغممه طويل لا يهنيه اكل ولا شرب ولا يسليه عذل ولا عتب ضعيف النبضات فاثر الحركات إذا احترز لا ينفع وربما كان احترازه لا ينتفع فهذا القول أشبه يا لحق مما ذكرتم وهو شاهد يلزمكم الاقرار به ان أنصفتم، ونحن الآن نعترف في مقابلتكم به، ولا نطالبكم بشئ من موجبه ونعود إلى دعواكم التي ذكرتموها فنقول سائلين لكم عنها أخبرونا عن هذه المسرة التي تحصل للعالم والتأهب الزائد في السعد الواصل وعن هذا الاحتراز من المنحسة والتأني من المضرة والمهلكة هل جميع ذلك مما توجبه وتقضي به الكواكب؟ أم هو عن احكامها خارج مضاف في الحقيقة إلى اختيار الحي القادر فرأوا انهم ان قالوا مما توجبه الكواكب وتقضي بكونه احكام الفلك في العالم قيل لهم فيكون ذلك سواء اطلع الانسان على احكام النجوم أم لم يطلع؟ وسواء عليه اهتم لمولده وتحويل سنته أم لم يهتم؟ فعرجوا عن هذا وقالوا ان أفعالنا
(٦٢)