جدي ورام، انتقلت إلي من والدتي - رضي الله عنها - بأسباب شرعية في حياتها،. فصرت أطالع باليل كل شئ يقرأ فيه الجماعة الذين تقدموني بالسنتين، وأنظر كل ما قاله مصنف عندي، وأعرف ما بينهم من الخلاف على عادة المصنفين، وإذا حضرت مع التلامذة بالنهار أعرف ما لا يعرفون، وأناظرهم.. وفرغت من الجمل والعقود، وقرأت النهاية، فلما فرغت من الجزء الأول منها استظهرت على العلم بالفقه حتى كتب شيخي محمد بن نما خطه لي على الجزء الأول - وهو عندي الآن.. فقرأت الجزء الثاني من النهاية أيضا ومن كتاب المبسوط، وقد استغنيت عن القراءة بالكلية.. وقرأت بعد ذلك كتبا لجماعة بغير شرح، بل للرواية المرضية.. وسمعت ما يطول ذكر تفصيله (1) ".
ثم هاجر السيد - قدس الله نفسه الزكية - إلى بغداد، ولم تذكر المصادر التأريخية سنة هجرته هذه بشكل دقيق، ولكن يمكن القول بأن ذلك كان في حدود سنة 625 ه تقريبا، لان المصادر تذكر أنه أقام في بغداد نحوا من خمس عشرة سنة، ثم عاد بعدها إلى مدينة الحلة في أواخر عهد المستنصر المتوفي سنة 640 ه (2).
وقد كان السيد - قدس الله نفسه - خلال هذه الفترة التي قضاها في بغداد ذا مكانة اجتماعية عالية، وشخصية وجيهة ومرموقة، سواء على صعيد علاقاته بالمجتمع العلمي المتمثل حينذاك بعلماء النظامية والمستنصرية ومناظراته معهم، أو على مستوى صلاته بالنظام القائم على الرغم من عدم انشغاله بالشأن السياسي في تلك الفترة (3).
وكان له مع الخليفة المستنصر من متانة الصلة وقوة العلاقة ما يعتبر في طليعة ما