حفل به تأريخه في بغداد، وكان من أول مظاهرها إنعام الخليفة عليه بدار سكناه، ثم أصبحت لرضي الدين من الدالة ما يسمح له بالسعي لدى المستنصر في تعيين الرواتب للمحتاجين (1)، وما يدفع المستنصر إلى مفاتحته في تسليم الوزارة له، ولعل حب المستنصر - كأبيه - للعلويين، وعطفه عليهم، واهتمامه بشؤونهم هو السبب في هذه العلاقة الأكيدة القوية، وفي تدعيمها واستمرارها طول تلك السنين (2).
وقد ذكر السيد ابن طاوس - رحمه الله - في مؤلفاته محاولات المستنصر في إقناعه بقبول منصب الافتاء تارة (3)، ونقابة الطالبين أخرى (4)، إلى أن وصل الامر بالمستنصر أن عرض الوزارة على السيد فرفضها، مبررا ذلك بقوله له:
" إن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء يمشون أمورهم بكل مذهب، وكل سبب، سواء كان ذلك موافقا لرضا الله - جل جلاله - ورضا سيد الأنبياء والمرسلين، أو مخالفا لهما في الآراء، فإنك من أدخلته في الوزارة بهذه القاعدة قام بما جرت عليه العوائد الفاسدة، وإن أردت العمل في ذلك بكتاب الله - جل جلاله - وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله - فهذا أمر لا يحتمله من في دارك ولا مماليكك ولا خدمك ولا حشمك، ولا ملوك الأطراف، ويقال لك إذا سلكت سبيل العدل والانصاف والزهد: إن هذا علي بن طاوس علوي حسني، ما أراد بهذه الأمور إلا أن يعرف أهل الدهور أن الخلافة لو كانت إليهم كانوا على هذه القاعدة من السيرة، وأن في ذلك ردا على الخلفاء من سلفك، وطعنا عليهم (5) ".
ثم عاد بعد ذلك إلى الحلة، فبقي هناك مدة من الزمن، ثم انتقل بعدها إلى