هذا وقد كان السيد كثير العناية والتوجه - من بين ما حوته خزانته، وحتى تصانيفه - بكتب الأدعية والأوراد والاحراز،. ويبرز الاهتمام بالجانب الدعائي جليا واضحا فيما ألفه وصنفه السيد ابن طاوس، حتى بدا كأنه الصفة الغالبة لمصنفاته، ولعل السبب في ذلك يعود إلى امتناعه عن التصنيف في علمي الفقه والكلام إلا نادرا، لشدة ورعه وتحفظه، حتى أنه لم يشتغل بالفقه إلا مدة يسيرة إيمانا منه بأن ما حصل عليه يكفيه عما في أيدي الناس، وأن ما اشتغل فيه بعد تلك المدة لم يكن " إلا لحسن الصحبة والانس والتفريغ فيما لا ضرورة إليه " (1).
وها هو السيد - قدس الله نفسه الزكية - يحدثنا عن هذا الجانب فيقول: واعلم أنه إنما اقتصرت على تأليف كتاب " غياث سلطان الورى لسكان الثرى " من كتب الفقه في قضاء الصلوات عن الأموات، وما صنفت غير ذلك من الفقه وتقرير المسائل والجوابات، لأني كنت قد رأيت مصلحتي، ومعاذي في دنياي وآخرتي في التفرغ عن الفتوى في الأحكام الشرعية، لأجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء أصحابنا في التكاليف الفعلية، وسمعت كلام الله - جل جلاله - يقول عن أعز موجود عليه من الخلائق محمد - صلى الله عليه وآله -: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين " (2) فلو صنفت كتابا في الفقه يعمل بعدي عليه، كان ذلك نقضا لتورعي عن الفتوى، ودخولا تحت حظر الآية المشار إليها، لأنه - جل جلاله - إذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الأعظم لو تقول عليه، فكيف يكون حالي إذا تقولت عليه - جل جلاله - وأفتيت أو صنفت خطأ أو غلطا يوم حضوري بين يديه.
واعلم أنني إنما تركت التصنيف في علم الكلام - إلا مقدمة كتبتها ارتجالا في