101 - وأخرجه مسلم من حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، بنحوه، الا أنه قال: يبيت ثلاث ليال، فقال ابن عمر: ما مرت على ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ذلك، الا وعندي وصيتي (1).
قال يحيى بن الحسن: لا يخلو حال الوصية من أن يكون برا وطاعة، أو يكون عبثا ومهملة، ولا يجوز أن يكون عبثا ومهملة، لأنه سبحانه أمر بها، وأوجبها بصريح الوحي العزيز، وأوجبها رسوله صلى الله عليه وآله، فقد اتفق على وجوبها بالآية والخبر، فلا طريق لدخولها في باب العبث والاهمال، بل هي مؤسسة بتفصيل القول والاجماع (2) يدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى مخبرا عن لزوم الوصية وايجابها: " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم " (3).
ويدل أيضا على ذلك ما قدمناه في الصحاح، من الاخبار المتفق عليها، ما يحث على وجوب الوصية، والامر بها، والتحذير عن اهمالها، بمالا لبس فيه، ولا تعمية، فلم يبق الا أن تكون برا وطاعة، وإذا كانت برا وطاعة وثبت أمر الله تعالى بها وجوبه لها يدل عليه قوله تعالى: " كتب عليكم " ثم قال تعالى: " حقا على المتقين " ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله بما تقدم بيانه من الصحاح، المتفق عليها، (4) بعد أمر الله سبحانه وتعالى بها، فكيف يصح منه صلى الله عليه وآله الاخلال بذلك، وقد أوجبه الله سبحانه وتعالى، وجعله حقا على المتقين، ثم ذكر سبحانه وتعالى في نص الوجوب (5) ان من بدله بعد ما سمعه، فإنما إثمه على الذين يبدلونه، فلو صح منه الاخلال بذلك