وإن كان طاعة، وفعله كله صلى الله عليه وآله طاعة وحكمة وصواب.
وإذا كان كذلك، فيجب ان يشترك الأمة معه في ترك الوصية، أولا للاقتداء به، وثانيا ليكون ترك الوصية طاعة لله تعالى، لان الرسول صلى الله عليه وآله فعله، وإذا اشتركت الأمة معه في ترك الوصية للاقتداء بفعله صلى الله عليه وآله، بطل الامر بها من الله تعالى ومن الرسول صلى الله عليه وآله، بعد وجوبه وصحته في لفظ القرآن العزيز، وقول الرسول الأمين صلى الله عليه وآله، ولم يكن لقوله سبحانه وتعالى: " حقا على المتقين " فائدة، وصارت الفائدة إنما تحصل بابطال كونها حقا على المتقين لموضع الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله.
ولو جاز ذلك، لكان يجوز في كل آية ظاهرها ظاهر الامر، أن يكون المراد بها خلافه، وان يصير اتباع الأمور الشرعية التي أوجبها الرسول قبيحا، واجتنابها أفضل عند الله تعالى.
ومن قال بذلك لا يعد عاقلا ولا مسلما، فثبت وجوب الوصية، وان النبي صلى الله عليه وآله فعلها وما جاز له الاخلال بها.
ومما يؤيد ما قلناه، وانه صلى الله عليه وآله أوصى، ما تقدم من الاخبار في أول هذا الفصل وغيره من أن الرسول صلى الله عليه وآله جعله وصيه.
ويدل عليه أيضا قول " ابن أبي أوفى "، لما سئل عن النبي، هل أوصى؟
فقال: لا، فلما أعيد عليه السؤال، قال: نعم، أوصى بكتاب الله، وأفرد العترة من الكتاب، والنبي صلى الله عليه وآله قال مجمعا عليه كافة أهل الاسلام في الصحاح وغيرها:
" خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، حبلان ممدودان، لن يفترقا حتى يردا على الحوض ".
فذكر كونهما خليفتيه وذكر الوصية بهما وانهما خليفتاه، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض.
فكيف يقول ابن أبي أوفى: ان الوصية بأحدهما دون الاخر. مع ثبوت انحرافه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ومخالفته للاجماع، ولم يرو بنفسه ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله، ولم يوافقه أحد من الصحابة على ذلك، وانكاره للوصية