مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤٩٣
فصل: في معجزاته عليه السلام كان عليه السلام شديد الأدمة فشك فيه المرتابون وهو بمكة فعرضوه على القافة فلما نظروا إليه خروا لوجوههم سجدا ثم قاموا فقالوا: يا ويحكم أمثل هذا الكوكب الدري والنور الزاهر تعرضون على مثلنا وهذا والله الحسب الزكي والنسب المهذب الطاهر ولدته النجوم الزواهر والأرحام الطواهر والله ما هو إلا من ذرية النبي وأمير المؤمنين وهو في ذلك الوقت ابن خمس وعشرين شهرا فنطق بلسان أرهف من السيف وأفصح من الفصاحة يقول: الحمد لله الذي خلقنا من نوره واصطفانا من بريته وجعلنا امناء على خلقه ووحيه، معاشر الناس أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق ابن محمد الباقر ابن علي سيد العادين ابن الحسين الشهيد ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى عليهم السلام أجمعين أفي مثلي يشك وعلى الله تبارك وتعالى وعلى جدي يفترى واعرض على القافة!
إني والله لاعلم ما في سرائرهم وخواطرهم، وانى والله لاعلم الناس أجميع بما هم إليه صائرون، أقول حقا وأظهر صدقا، علما قد نبأه الله تبارك وتعالى قبل الخلق أجمعين وقبل بناء السماوات والأرضين، وأيم الله لولا تظاهر الباطل علينا، وغواية ذرية الكفر وتوثب أهل الشرك والشك والشقاق علينا، لقلت قولا يعجب منه الأولون والآخرون. ثم وضع يده على فيه ثم قال: يا محمد اصمت كما صمت آباؤك، واصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون.
ثم أتى إلى رجل بجانبه فقبض على يده فما زال يمشي يتخطى رقاب الناس وهم يفرجون له، قال: فرأيت مشيخة أجلاءهم ينظرون إليه ويقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالته، فسألت عنهم فقيل: هؤلاء قوم من بني هاشم من أولاد عبد المطلب.
فبلغ الرضا وهو في خراسان ما صنع ابنه فقال: الحمد لله، ثم ذكر ما قذفت به مارية القبطية ثم قال: الحمد لله الذي جعل في ابني محمد أسوة برسول الله وابنه إبراهيم.
قال عسكر مولى أبى جعفر (ع): دخلت عليه فقلت في نفسي: يا سبحان الله ما أشد سمرة مولاي وأضوى جسده! قال: فوالله ما استتممت الكلام في نفسي حتى تطاول وعرض جسده وامتلأ به الإيوان إلى سقفه ومع جوانب حيطانه ثم رأيت لونه وقد أظلم حتى صار كالليل المظلم ثم ابيض حتى صار كأبيض ما يكون من
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»
الفهرست