مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٣٦٩
من الانفاق؟ قال: نعم، قال: فلم اختلفنا نحن وأنت؟ وجئنا من الشام تخالفنا وتزعم ان الرأي طريق الدين وأنت مقر بأن الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين، فسكت الشامي متفكرا، فقال له الصادق (ع): مالك لا تتكلم؟ قال:
إن قلت اننا ما اختلفا كابرت وإن قلت إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت لأنهما يحتملان الوجوه ولكن لي عليه مثل ذلك، قال: سله تجده مليا، فقال الشامي لهشام: من أنظر للخلق ربهم أم أنفسهم؟ قال: بل ربهم، قال: فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم ويرفع اختلافهم؟ قال: في ابتداء الشريعة فرسول الله واما بعده فغيره قال: ومن غير النبي القائم مقامه في حجته؟ قال هشام: في وقتنا هذا أم قبله؟ قال بل في وقتنا هذا، قال: هذا الجالس - يعني الصادق - الذي يخبرنا عن السماء وراثة عن أب عن جد قال: فكيف لي أن أعلم ذلك؟ قال: سله عما بدا لك، قال الشامي:
قطعت عذري فعلي السؤال، فقال أبو عبد الله: أنا أكفيك المسألة يا شامي أخبرك عن مسيرك وسفرك خرجت يوم كذا وكان طريقك كذا ومررت على كذا ومر بك كذا. فأقبل الشامي يقول: صدقت والله، وحسن اعتقاده.
عمر بن يزيد قال: دخل هشام بن الحكم - وكان جهميا - على أبي عبد الله ليناظره مرارا وكان لا يقدر على التفوه فسأله أبو عبد الله مسألة وهو يؤجله ثم رآه مرة أخرى بالحيرة فهاله منظر أبي عبد الله فبقي منسيا، ووقف أبو عبد الله مليا ينتظر ما يكلمه، فلما رأى حيرته ضرب بغلته وسار، فترك هشام مذهبه ودان بدين الحق.
يونس بن ظبيان، والمفضل بن عمر، وأبو سلمة السراج، والحسين بن ثوير قالوا كنا عند أبي عبد الله (ع) فقال: عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها ولو شئت أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لأخرجت، ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الأرض خطا فانفجرت الأرض ثم مال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر ثم قال: انظروا حسنا، فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض يتلألأ.
معرفة الرجال، عن أبي عمر الكشي قال عمار الساباطي لأبي عبد الله: جعلت فداك أحب ان تخبرني باسم الله عز وجل الأعظم، فقال لي: انك لا تقوى على ذلك فلما ألححت عليه قال: فمكانك إذا، ثم قام فدخل البيت هنيئة ثم صاح بي: ادخل، فدخلت، فقال لي: ما ذلك؟ فقلت: اخبرني به جعلت فداك، قال: فوضع يده على الأرض فنظرت إلى البيت يدور بي واخذني أمر عظيم كدت أهلك فصحت فقلت جعلت فداك حسبي لا أريد ذا.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست