مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٣٦٧
وانا معه وذلك على عهد المنصور وقدمها جعفر بن محمد العلوي فخرج جعفر يريد الرجوع إلى المدينة فشيعه العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة وكان فيمن شيعة سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم فتقدم المشيعون له فإذا هم بأسد على الطريق فقال لهم إبراهيم ابن أدهم: قفوا حتى يأتي جعفر فننظر ما يصنع، فجاء جعفر (ع) فذكروا له الأسد فأقبل حتى دنا من الأسد فأخذ باذنه فنحاه عن الطريق، ثم اقبل عليهم فقال: أما ان الناس لو أطاعوا الله حق طاعته لحملوا عليه أثقالهم.
وفي خبر الربيع أنه قال المنصور: يا أبا عبد الله انك تعلم الغيب، قال: ومن أخبرك بهذا؟ قال: هذا الشيخ، قال أفحلفه يا أمير المؤمنين، قال: نعم. فلما بدأ باليمين قال قل: برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي. وفي رواية: قل أبرأ إلى الله من حوله وقوته وألجأ إلى حولي وقوتي إن لم أكن سمعتك تقول هذا القول فما أتم الكلام حتى دلع لسانه ومات من وقته. فقال المنصور: ما هذا اليمين؟ قال جعفر (ع) حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (ع) ان العبد إذا حلف باليمين الذي ينزه الله فيها وهو كاذب امتنع الله من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله ثم نهض جعفر، فقال المنصور: ويلك يا ربيع اكتمها عن الناس لا يفتنون.
وروي في المعجزات انه استؤذن عليه لوافد ملك الهند ميزان فأبى فبقي سنة محجوبا فشفع فيه محمد بن سليمان الشيباني واخوه يزيد، فأمر الصادق بطي الحصر فلما دخل ميزان الهندي برك على ركبتيه وقال: أصلح الله الامام حجبتني سنة أهكذا افعال أولاد الأنبياء؟ فأطرق (ع) رأسه ثم رفعه وقال: فلتعلمن نبأه بعد حين، ثم قرأ الكتاب فإذا فيه: اما بعد فقد هدانا الله على يديك وجعلنا من مواليك وقد وجهنا نحوك بجارية ذات حسن وجمال وخطر وبصر مع شئ من الطيب والحلل والحلي على يدي اميني. فقال له الامام: ارجع يا خائن إلى من بعثك بهداياه، قال: أبعد سنة هذا جوابي، قال: هذا جوابك عندي. قال: ولم قال لخيانتك؟ ثم أمر بفروته ان تبسط على الأرض ثم صلى ركعتين وسجد وقال في سجوده: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك ان تصلي على محمد عبدك ورسولك وأمينك في خلقك وان تنطق فروة هذا الهندي بفعله بلسان عربي مبين ثم رفع رأسه وقال:
أيها الفرو الطائع لرب العالمين تكلم بما تعلم من هذا الهندي وصف لنا ما جنى. قال:
فانبسطت حتى ضاق عليها المكان ثم قلصت حتى صارت كشاة ثم قالت: يا ابن رسول الله ان الملك ليستأمنه عليها وكان أمينا حتى مطر عليهم وابتل ثيابهم فأنفذ خدامه إلى
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست