مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٣١٧
أبو حمزة الثمالي في خبر: لما كانت السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي ولقيه هشام بن عبد الملك أقبل الناس ينثالون عليه، فقال عكرمة: من هذا؟ عليه سيماء زهرة العلم لأجزينه، فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه واسقط في يد أبي جعفر وقال:
يا ابن رسول الله لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره فما أدركني ما أدركني آنفا؟ فقال له أبو جعفر: ويلك يا عبيد أهل الشام انك بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع وذكر فيها اسمه.
حبابة الوالبية قالت: رأيت رجلا بمكة أصيلا بالملتزم أو بين الباب والحجر على صعدة من الأرض وقد حزم وسطه على المئزر بعمامة خز والغزالة تخال على ذلك الجبال كالعمايم على قمم الرجال وقد صاعد كفه وطرفه نحو السماء ويدعو فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات فلم يرم حتى أفتاهم في الف مسألة، ثم نهض يريد رحله ومناد ينادي بصوت صهل: ألا ان هذا النور الأبلج المسرج والنسيم الارج والحق المرج، وآخرون يقولون: من هذا؟ فقيل: الباقر علم العلم الناطق عن الفهم محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وفي رواية أبي بصير: ألا ان هذا باقر علم الرسل، وهذا مبين السبل، وهذا خير من وشج في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة الغراء العذراء الزهراء، هذا بقية الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمد وخديجة وعلي وفاطمة، هذا منار الدين القائمة.
وفي حديث جابر بن يزيد الجعفي: انه لما شكت الشيعة إلى زين العابدين مما يلقونه من بني أمية دعا الباقر وأمره أن يأخذ الخيط الذي نزل به جبرئيل إلى النبي ويحركه تحريكا، وقال: فمضى إلى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم وضع خده على التراب وتكلم بكلمات ثم رفع رأسه فأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة وأعطاني طرفا منه فمشيت رويدا فقال: قف يا جابر، فحرك الخيط تحريكا لينا خفيفا ثم قال: اخرج فانظر ما حال الناس، قال: فخرجت من المسجد فإذا صياح وصراخ وولولة من كل ناحية وإذا زلزلة شديدة وهدة ورجفة قد أخربت عامة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين الف انسان ثم صعد الباقر المنارة فنادى بأعلى صوته: ألا يا أيها الضالون المكذبون قال: فظن الناس انه صوت من السماء فخروا لوجوههم وطارت أفئدتهم وهم يقولون في سجودهم: الأمان الأمان، وانهم يسمعون الصيحة بالحق ولا يرون الشخص ثم قرأ:
(فخر عيهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون)، قال: فلما نزل منها وخرجنا من المسجد سألته عن الخيط قال: هذا من البقية، قلت: وما البقية يا ابن رسول الله؟ قال: يا جابر بقيه مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة ويضعه جبرئيل لدينا.
المفضل بن عمر: بينما أبو جعفر (ع) بين مكة والمدينة إذا انتهى إلى جماعة على الطريق وإذا رجل بين الحجاج نفق حماره وقد بدد متاعه وهو يبكي فلما رأى أبا جعفر
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست