إليه رجل من شيعته يقال له المنهال بن عمرو الطائي. وفي رواية: مكحول صاحب رسول الله فقال له: كيف أمسيت يا بن رسول الله؟ فقال: ويحك كيف أمسيت؟
أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وأمست العرب تفتخر على العجم بأن محمدا منها، وأمسى آل محمد مقهورين مخذولين فإلى الله نشكو كثرة عدونا، وتفرق ذات بيننا، وتظاهر الأعداء علينا.
الحلية، والأغاني وغيرهما: حج هشام بن عبد الملك فلم يقدر على الاستلام من الزحام فنصب له منبر وجلس عليه وأطاف به أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل علي ابن الحسين وعليه أزار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف فإذا بلغ موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة له فقال شامي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: لا اعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني انا اعرفه، فقال الشامي: من هو يا أبا فراس؟
فأنشأ قصيدة ذكر بعضها في الأغاني والحلية والحماسة، والقصيدة بتمامها هذه:
يا سائلي أين حل الجود والكرم * عندي بيان إذا طلابه قدموا هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا الذي أحمد المختار والده * صلى عليه إلهي ما جرى القلم لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه * لخر يلثم منه ما وطى القدم هذا علي رسول الله والده * أمست بنور هداه تهتدي الأمم هذا الذي عمه الطيار جعفر * والمقتول حمزة ليث حبه قسم هذا ابن سيدة النسوان فاطمة * وابن الوصي الذي في سيفه نقم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم وليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم ينجاب نور الدجى عن نور غرته * كالشمس بنجاب عن إشراقها الظلم بكفه خيزران ريحه عبق * من كف أورع في عرنينه شمم ما قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاءه نعم