ثم أظهر الكتاب وقال: يا فلان فعلت كذا ولم أوذيك، فيقرون أجمع فيقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا فاعف واصفح يعف عنك المليك لقوله تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) ويبكي وينوح. وكان بطال يضحك الناس فنزع رداه من رقبته ثم مضى فلم يلتفت إليه فاتبعوه وأخذوا الرداء منه فجاؤوا به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟ قالوا:
رجل بطال يضحك أهل المدينة فقال: قولوا له ان لله يوما يخسر فيه المبطلون.
وقيل: إن مولى لعلي بن الحسين (ع) يتولى عمارة ضيعة له فجاء ليطلعها فأصاب فيها فسادا وتضييعا كثيرا غاظه من ذلك ما رآه وغمه فقرع المولى بسوط كان في يده فأصاب وندم على ذلك فلما انصرف إلى منزله أرسل في طلب المولى فأتاه فوجده عاريا والسوط بين يديه فظن أنه يريد عقوبته فاشتد خوفه فأخذ علي بن الحسين السوط ومد يده إليه وقال: يا هذا قد كان مني إليك ما لم يتقدم مني مثله وكانت هفوة وزلة فدونك السوط واقتص مني، فقال المولى: يا مولاي والله ان ظننت إلا انك تريد عقوبتي وأنا مستحق للعقوبة فكيف اقتص منك، قال: معاذ الله أنت في حل وسعة فكرر ذلك عليه مرارا والمولى كل ذلك يتعاظم قوله ويحلله فلما لم يره يقتص له قال أما إذا أبيت فالضيعة صدقة عليك، وأعطاه إياها.
وانتهى (ع) إلى قوم يغتابونه، فوقف عليهم فقال لهم: ان كنتم صادقين فغفر الله لي وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم. قال ابن الحجاج:
ابن من ينتهي إذ افتخر الناس * له افتخار عبد مناف ابن طه وهل أتى والحواميم * ونون وسورة الأعراف (ومما جاء في علمه عليه السلام): حلية أبي نعيم، وتاريخ النسائي، روى عن أبي حازم وسفيان بن عيينة والزهري قال كل واحد منهم: ما رأيت هاشميا أفضل من زين العابدين ولا أفقه منه.
ورأي (ع) الحسن البصري عند الحجر الأسود يقص فقال (ع): يا هناه أترضى نفسك للموت؟ قال: لا، قال: فعلمك الحساب؟ قال: لا، قال: فثم دار العمل؟
قال: لا، قال: فلله في الأرض معاذ غير هذا البيت؟ قال: لا، قال: فلم تشغل الناس عن الطواف؟ ثم مضى، قال الحسن: ما دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط