مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٢٤٧
فلما أصبح بعذيب الهجانات رأى الحر في عسكره يتبعه فسأله عن الحالة فقال:
هددني الأمير في شأنك، فقال: دعنا في نينوى والغاضرية، فقال: لا والله وعلي عينه. فقال زهير بن ألقين البجلي: إئذن لنا بقتالهم فقتال هؤلاء اليوم أسهل من قتال من يجئ بعدهم، فقال: لا ابتدي، فساقوا إلى قرية عقر فسأل عنها فقيل: هي العقر، فقال: انى أعوذ بك من العقر.
فساقوا إلى كربلاء يوم الخميس الثاني من المحرم سنة احدى وستين، ثم نزل وقال:
هذا موضع الكرب والبلاء، هذا مناخ ركابنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا، وسفك دمائنا.
ثم اقبل عمر بن سعد في أربعة آلاف حتى نزل بالحسين وبعث من غده قرة بن قيس الحنظلي يسأله ما الذي جاء به؟ فلما بلغ رسالته قال الحسين: كتب إلي أهل مصركم أن أقدم فأما إذا كرهتموني فأنا انصرف عنكم. فلما سمع عمر جوابه كتب إلى ابن زياد بذلك، فلما رأى ابن زياد كتابه قال:
الآن إذ علقت مخالبنا به * يرجو النجاة ولات حين مناص وكتب إلى عمر: اعرض على الحسين ان يبايع يزيد وجميع أصحابه فإذا فعل ذلك رأينا رأينا وإن أبى فائتي به.
قال الطبري: ثم كتب ابن زياد إلى عمر بن سعد: اما بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء فلا يذوقوا منه قطرة كما صنع بالتقي النقي عثمان أمير المؤمنين المظلوم قال: بعث عمر بن سعد عمرو بن الحجاج على خمسمائة فارس فنزلوا على الشريعة وحالوا بينه وبين الماء ثلاثة أيام إلى أن قتل.
قال الطبري في حديث عقبة بن سمعان أنه قال (ع): دعوني اذهب في الأرض العريضة حتى ننظر إلى ما يصير امر الناس. فكتب عمر إلى ابن زياد وذكر في آخره:
وفي هذا لله رضى وللأمة صلاح.
فأنفذ ابن زياد بشمر بن ذي الجوشن بكتاب فيه: انى لم أبعثك إلى الحسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة والبقاء ولا لتعتذر له عندي ولا لتكون له شافعا فان نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إلي سالمين وان أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثل بهم فإنهم لذلك مستحقون، فان قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره فإنه عاق شاق قاطع ظلوم فان أنت مضيت لامرنا جزيناك جزاء السامع المطيع وان أبيت فاعتزل أمرنا وجندنا وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فانا
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»
الفهرست