مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٢٤٩
ثم قال ارجعوا إلى أهلكم فليس * سواي أرى لهم مطلوبا فأجابوه والعيون سكوب * وحشاهم قد شب منها لهيبا أي عذر لنا غدا حين نلقى * جدك المصطفى ونحن حروبا فقال مسلم بن عوسجة الأسدي: والله لو علمت انى اقتل ثم أحيى ثم احرق ثم اذرى يفعل بي ذلك سبعين مرة ما تركتك فكيف وإنما هي قتله واحدة ثم الكرامة إلى الأبد، وتكلم سعد بن عبد الله الحنفي، وزهير بن ألقين، وجماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا. فأوصى الحسين أن لا يشقوا عليه جيبا ولا يخمشوا وجها ولا يدعى بالوبل والثبور، وباتوا قارئين راكعين ساجدين.
قال علي بن الحسين: اني لجالس في تلك الليلة التي قتل أبى في صبيحتها وكان يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالاشراق والأصيل من صاحب وطالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الامر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيل ما أقرب الوعد من الرحيل قالت زينب: كأنك تخبر انك تغصب نفسك اغتصابا، فقال: لو ترك القطاليلا لنام. فلما أصبحوا عبئ الحسين أصحابه وامر باطناب البيوت فقربت حتى دخل بعضها في بعض وجعلوها وراء ظهورهم ليكون الحرب من وجه واحد، وأمر بحطب وقصب كانوا أجمعوه وراء البيوت فطرح ذلك في خندق جعلوه وألقوا فيه النار وقال لا نؤتى من ورائنا.
فحرم الحر دابته حتى استأمن إلى الحسين وقال له: بأبى أنت وأمي ما ظننت ان الامر ينتهي بهؤلاء القوم إلى ما أرى فأما الآن جئتك تائبا ومواسيا لك حتى أموت بين يديك أترى إلى ذلك توبة؟ قال: نعم يتوب الله عليك ويغفر لك.
فقال الحسين (ع) لبرير: احتج عليهم، فتقدم إليهم ووعظهم، فضحكوا منه ورشقوه. فتقدم الحسين ورأي صفوفهم كالسيل والليل فخطب فقال:
الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته والشقي من فتنته فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ومنها: فنعم الرب ربنا وبئس العباد أنتم أقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله ثم أنتم رجعتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم ولما تريدون إنا لله وانا إليه راجعون هؤلاء قوم
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست