فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جلكم: انه ليس لنا إمام فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى، وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، فان كتب إلي انه قد أجمع رأي احداثكم وذوي الفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وتواترت به كتبكم أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله، ولعمري ما الامام إلا الحاكم القائم بالقسط، الداين بدين الله، الحابس نفسه على ذات الله.
فقصد مسلم على غير الطريق، وكان رائده رجلان من قيس عيلان فأضلا الطريق وماتا من العطش وأدرك مسلم ماء، فتطير مسلم من ذلك وكتب إلى الحسين يستعفيه من ذلك. فأجابه: اما بعد فقد خشيت أن لا يكون حملك على الكتاب إلي والاستعفاء من وجهك هذا الذي أنت فيه إلا الجبن والفشل فامض لما أمرت به.
فدخل مسلم الكوفة فسكن في دار سالم بن المسيب، فاختلف إليه الشيعة فقرأ عليهم كتابه، فبايعه اثنا عشر الف رجل، فرفع ذلك إلى النعمان بن بشير وهو والي الكوفة فجمع الناس وخطب فيهم ونصحهم. وكتب عبد الله بن مسلم الحضرمي، وعمارة بن عقبة بن الوليد، وعمر بن سعد بن أبي وقاص إلى يزيد: إن كان لك حاجة في الكوفة فابعث رجلا قويا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك فان النعمان بن بشير اما ضعيف أو متضعف فكتب يزيد على يدي مسلم بن عمر الباهلي إلى عبيد الله بن زياد وهو والي البصرة وولاه الكوفة مع البصرة وأن يطلب مسلم بن عقيل فيقتله أو ينفيه فالعجل العجل.
فلما وصل المنشور إلى ابن زياد قصد الكوفة ودخلها بغتة في الليل وهو ملثم فزعم من رآه انه الحسين، فكانوا يقولون: مرحبا يا بن رسول الله قدمت خير مقدم، حتى نزل دار الامارة، فانتقل مسلم من دار سالم إلى دار هاني بن عروة المذحجي في الليل ودخل في أمانه. وكان يبايعه الناس حتى بايعه خمسة وعشرون الف رجل، فعزم على الخروج فقال هاني: لا تعجل.
ثم إن عبيد الله أعطى مولاه معقل ثلاثة آلاف درهم وقال له: اذهب حتى تسأل عن الرجل الذي يبايعه أهل الكوفة فاعلمه انك رجل من أهل حمص جئت لهذا الامر وهذا مال تدفعه لتتقوى به. فلم يزل يتلطف ويسترشد حتى دل عل مسلم بن عوسجة الأسدي، وكان الذي يأخذ البيعة فأدخله على مسلم وقبض منه المال وبايعه، ورجع معقل إلى عبيد الله فأخبره.
وكان شريك بن الأعور الهمداني جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد، فمرض